السؤال
السلام عليكم ورحمة لله تعالى وبركاته.
أنا مريضة بالوسواس القهري، وأعاني منه منذ سنتين، وكنت أتعالج عند الأطباء النفسيين، ولكنني توقفت عن ذلك، خشية أن أتعود على الدواء، وخلال هذه الفترة عمل لي سحر من أجل أن أفشل وأرسب في دراستي؛ لأنني كنت أمتنع عن تغشيشهم، ورغم ذلك وفقت ونجحت بامتياز، ولكن بعدها بأشهر قليلة مرضت بسببه، فتعمدت عدم اجتياز الامتحانات؛ لأنني عندما كنت أذاكر دروسي الجامعية أشعر بأني لم أدرس شيئا، فقالت الوالدة: ربما أنك مصابة بالسحر؛ لأنها كانت مصابة بسحر أسود.
لجأنا حينها لرجل قيل لنا بأنه فقيه -في بلادنا نقول فقيه، وليس راق-، وقد كنت أمتنع عن اللجوء إلى هؤلاء الأشخاص؛ خوفا من أن يكونوا مشعوذين، أو شيئا من هذا القبيل، ورغم ذلك لجأت إلى هذا الشخص، وشفيت من هذا العمل -بفضل الله-، ولكنني شككت بأنه مشعوذ؛ لأنه لم يقرأ علي القرآن، بل سأل الوالدة عن اسمي، وعمري، واسم الوالدة، فقلت ربما يكون مشعوذا.
والمشكلة -يا شيخي- أنني في هذه الأيام أخشى أن أكون مصابة بالسحر بسبب أمور اعتبرتها مشاكل -رغم بساطتها- مع بنت أظن بأنها ماكرة، ولكنني مضطرة للعيش معها في نفس المنزل، رغم انفصال غرفنا، بسبب المطبخ المشترك.
المهم لقد قمت اليوم بالاتصال بالوالدة لكي تسأل هذا الفقيه عن هذا الأمر، وبعدها صدمت كثيرا عندما علمت بحقيقته، فقد قلت لوالدتي: كيف لم تشكي في مصداقيته، وتلجئين إليه؟
ولقد صليت صلاة التوبة؛ لأنه بالرغم من مرضي بالوسواس القهري كان يجب علي أن أتوكل على الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وجيه هاجر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يحفظك، وأن يبارك فيك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبعد:
أولا: السحر، والحسد، والعين، والجن كل هذا موجود -أختنا- في حياتنا، ولكن لا تأثير لهم إلا بقدر الله تعالى، ولذا لا بد ابتداء من معرفة أمرين:
1- السحر لا تأثير له مطلقا إلا وفق قدرة الله ومشيئته، قال تعالى: (وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله...).
2- يحرم التعامل مع السحرة والعرافين؛ فلا يجوز التعامل معهم، ولا سؤالهم، ولا الذهاب إليهم، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من أتى عرافا فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يوما) أخرجه مسلم في صحيحه، وقال أيضا -صلى الله عليه وسلم-: (من أتى كاهنا فسأله فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد).
3- علاج المسحور جائز بالرقية الشرعية من الأدعية والأذكار.
ثانيا: بالنسبة للفقيه الذي ذهبت إليه، فأنت أولا لست متأكدة إلى هذه الساعة إن كان صادقا، أو كاذبا، أو ساحرا، أو ملتزما، وعليه فلا حرج عليك فيما حدث، فلم تذهبي إلى عراف، ولا دجال، وأنت عالمة بحاله، قاصدة له، وعليه فيكفيك إن صح كونه عرافا أن تتوبي إلى الله -عز وجل- بينك وبين الله، ولا حرج عليك.
ثالثا: الرقية حتى تكون شرعية ينبغي أن يكون فيها ثلاثة أمور:
1 - أن تكون بكلام الله، أو بأسمائه وصفاته، أو المأثور عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
2 -أن تكون باللسان العربي، وما يعرف معناه.
3 -أن يعتقد الراقي والمريض أن الرقية لا تؤثر بذاتها، بل بتقدير الله تعالى.
فإذا اجتمعت الثلاثة، فهي رقية شرعية، وما عداها دجل.
رابعا: أنت -والحمد لله- على خير، وقد وفقك الله تعالى وحماك، فاحمدي الله على ما هداك إليه، والتزمي ثلاثة أمور:
1- التوكل على الله، والاستعانة به، فإن السحر، أو الحسد، أو العين كلها أمراض لا يرفعها إلا الله -عز وجل-، كما قال -جل وعلا- على لسان خليله إبراهيم -عليه السلام-: (وإذا مرضت فهو يشفين).
2- عليك بالرقية الشرعية، ولا يشترط لها وجود شيخ، بل الأفضل فعل ذلك بنفسك، ولكن لو ذهبت إلى راق شرعي مع أحد محارمك فلا حرج.
3- المحافظة على الأذكار صباحا ومساء، وقراءة سورة البقرة كل ليلة، أو الاستماع لها عند عدم القدرة؛ فإن هذا حصن حصين من كل ما يؤذيك.
توكلي على الله -أختنا-، ولا تفكري فيما مضى، واستعيني على ما أنت عليه بالأذكار، والمحافظة على الصلوات والنوافل، واعلمي أنه لن يضرك أي شيء من هذا -بإذن الله-.
والله الموفق.