السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة في الواحدة والعشرين من العمر، أعاني من رقة قلبي الشديدة، ومحبته لكل الناس ولكل من أشاهده في طريقه، قلبي الذي يطرق بسرعة، والذي يشتاق، والذي يحب، والذي يتأجج بالعواطف قد يلقي بي إلى التهلكة ..
مشكلتي هي أني أعاني من ضعف قلبي، فكلما أرى شابا وسيما أو شابا قد وجه لي كلمة، أو شابا أتى لخطبتي، أو طبيبا عالجني، أو زميلا في الجامعة شرح لي مسألة .. كلهم أقع في حبهم من النظرة الأولى، فإذا كلمني شخص ما أي كلمة يقع صداها في قلبي، وأفكر بها كثيرا، لدرجة أنني أقف عن التركيز في أمور حياتي .. وأكثر المواقف التي تعذبني هي أنني عندما يأتي شخص لخطبتي وأراه ويراني أتعلق به كثيرا وكأنه صار خطيبا لي، وصار ملكي، لأكتشف أنه قد غير رأيه في الموضوع، أو أنه وجد أخرى، فأعاني من توتر شديد في عواطفي، وأشعر بحزن كبير، وأعاني من صعوبة بالغة في نسيان ذلك الشخص إلى أن أنساه، وأقرر بعدها أن لا ألتفت لأحد حتى توقعني طيبة قلبي في شباك شخص آخر.
وهذا الموضوع يضايقني وخصوصا في أمر الزواج؛ لأنه ليس كل من أعجب به يعجب بي، مع أنني على قدر من الجمال والجميع يؤكد لي ذلك ..
أنا أبحث عن الشخص الذي يحبني وأحبه، والذي يشتاق إلي وأشتاق له، ويشعرني فعلا بالحنان...أنا لا أبحث عن الجنس أبدا، بل أبحث عن العاطفة السامية الراقية، والتي لا أجدها مع أحد أبدا، وكل هذا هو الذي أوصلني إلى محبة من حولي، والذي لا يشعر بمحبتي أبدا بسبب خجلي الشديد.
أنا لا أبحث إلا عن قلب يحبني وأحبه، ولكنني لا أجده، فلذلك صرت أبحث عن العواطف التي من حولي في أي شخص لأكتشف أنه لا يفكر بي أبدا، وكأنني ليس لي وجود في حياته .
كيف أجد ذلك الشخص الذي يغمرني بحبه لكي أعطيه ما لدي من عواطف له وحده فقط وليس أحدا غيره .. طبعا ضمن الحدود الأخلاقية والطريق إلى الزواج الصالح، والذي يرضي الله ولا يغضبه، والذي يغمرني في كل حياتي، وعندما أجده لن ألتفت لأحد غيره؛ لأنني وجدت من أحبه فلا أريد أحدا غيره، وكيف أتخلص من طيبة قلبي وضعفه الزائد عن حده ...هل من حل؟ جميع من حولي يحبون ويتزوجون مع أنهم لا يحملون جزءا من العاطفة التي أحملها أنا..
أرجو الرد سريعا، فأنا أريد من يساعدني.... وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الحزينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فاجعلي رقة قلبك في طاعة رب العالمين، وفي التعاطف مع المستضعفين، وفي محبة صديقاتك في الله، ولا تحاولي التعامل مع الزملاء، ففي الزميلات غنية وكفاية، فإن الإنسان إذا عجز عن تغيير صفاته السلبية، فإن عليه أن يغير مجاريها فيستخدمها في الطاعات، ويوجهها إلى ما يرضي رب الأرض والسماوات، ولن تقعي – بإذن الله – في التهلكة إذا حرصت على سد كل الطرق الموصلة إلى الخطايا، وراقبت ربك خالق البرايا.
وتذكري أنك مأمورة بغض بصرك؛ لأن الله خاطب المؤمنات بقوله: (((قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون))[النور:30] وهذا يشمل الذكور والإناث، ولكن حتى لا تظن الأنثى أنها غير مقصودة وجه لها خطابا آخر فقال: ((وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن))[النور:31].
أما بالنسبة لأمر الزواج، فأرجو أن تكوني مطلوبة عزيزة، لا طالبة ذليلة، فإذا جاء الخاطب المناسب صاحب الدين والأخلاق، فلا تترددي في القبول به، فإذا تم الخير وأصبح زوجا لك، فاغمريه بعواطفك، وقدمي هواه على هواك، وتقربي إلى الله بطاعته وبتلمس ما يرضه، أما الآن فأشغلي نفسك بالمفيد، واجتهدي في طاعة الله المجيد، واعلمي أن من ينال رضوان الله هو السعيد، وابتعدي عن العلاقات مع الشباب، وتجنبي مواطنهم، واجعلي علاقتك مع الزميلات، والتزمي بالأدب، وتدثري بثوب الحياء، واعلمي أنه خلق الإسلام، وأن الفتاة لا تملك بعد إيمانها أغلى من الحياء.
ولا داعي للاستعجال، وسوف يأتيك ما قدره الله في وقته المناسب، ولكني أدعوك إلى أن تكوني هادئة في تصرفاتك، بعيدة عن الدخول المباشر في الآخرين، حتى لا يتكون عندهم انطباع بأنك متسرعة في عواطفك، وفي حكمك على الآخرين.
أما بالنسبة للشباب، فنحن نكرر تحذيرنا بعدم التعامل معهم، وعدم المسارعة إلى تكوين مشاعر الحب تجاههم؛ لأن ذلك يخالف أدب المسلمة، وربما يضعها في مهب عواصف الشهوات، فليس هذا مكان طيبة القلب، وفي الشباب ذئاب، ( وطبع الحمل أن يخشى الذئابا)، كما أن الشباب يهربون من الفتاة التي تسارع إليهم، ويركضون خلف من تهرب منهم، وتتمسك بحجابها وسترها وتلتزم بآداب دينها، واعلمي أنهم وإن أظهروا إعجابهم بتلك المتبرجة، فلن يرضوها زوجة لهم، ولن يأمنوها أما لعيالهم، مع أنهم شاركوها في المعاصي، إلا أنهم لا يأمنونها؛ لأن من خانت أهلها اليوم، سوف تخون زوجها وفراشها غدا.
إذا كان من حولك يحبون ويتزوجون، فنحن نقول لكن الصواب هو أن تتزوجي ثم تحبي زوجك الحلال، ولا سعادة إلا بهذا الطريق، وأكثر الزيجات فشلا هي ما كانت بعد علاقات عاطفية وخروج ودخول؛ لأن الشيطان الذي شجعهم على المخالفات هو الذي سوف يزرع في قلوبهم الشكوك والأزمات.
وعليك بتقوى الله، وكثرة اللجوء إلى الله، واحرصي على حب والديك والبر بهما، وأشفقي على الضعيف، وكوني في حاجة اليتيم والمسكين، ليكون العظيم في حاجتك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.