السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعيش في ألمانيا منذ 9 سنوات، ولدي ثلاثة أطفال في المدارس، والمدارس هنا لا تقوم على نهج الدين أو الأخلاق؛ فهم يشجعون الأطفال على المثلية، ويعلمونهم التربية الجنسية وهم في الصف الرابع الابتدائي، ويوجد لديهم نظام الرحلة خارج البلاد لمدة أسبوع؛ حيث يجب على الطفل أن ينام بعيدا عن والديه لمدة أسبوع كامل، وقد جئت إلى هنا مرغمة بسبب زوجي.
أنا الآن خائفة على أولادي من الانحراف، أخاف أن يبتعدوا عن الله في المستقبل -والعياذ بالله-، وزوجي لا يريد الانتقال لبلد عربي في الوقت الحالي، ولا أستطيع حماية نفسي وزوجي من الفتن.
قبل سنة اكتشفت بأن زوجي يخونني، ولا أدري إن كان ما زال على وضعه؛ لأني لا أبحث، وقد وكلت أمري لربي، ولكني خائفة على أولادي من الفتن؛ فما ذكرته قليل مقارنة بالفتن التي نتعرض لها، كما أن لدي اكتئابا وخوفا بسبب العنصرية والتضييق على مسألة الحجاب، ولا أشعر بالاستقرار.
فهل يجوز لي طلب الطلاق والذهاب بأولادي إلى بلد عربي إذا رفض زوجي أن ننتقل للعيش في بلد عربي، والعيش بجانب أمي حفاظا على نفسي والأولاد؟
وشكرا جزيلا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Amani حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يصلح لك ذريتك، ويقر عينك بصلاحهم، وصلاح أحوالك كلها.
ونشكر لك حرصك على تنشئة أبنائك وبناتك التنشئة الصحيحة التي تهيئهم لطاعة الله تعالى، ونيل رضوانه، وهذا واجب على الوالدين كما قال الله سبحانه وتعالى: "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة"؛ فالتعليم والتعويد على القيام بالواجبات الدينية واجب الوالدين تجاه أولادهما.
وما ذكرته من الخوف على الدين، وتوقع ما يتوقع من المكروه والمصائب في دينكم يسوغ لكم بلا شك الهجرة والسفر من تلك البلاد إلى بلاد أخرى تأمنون فيها من هذه المفاسد، بل الفقهاء يقولون بوجوب الهجرة من البلاد التي لا يستطيع الإنسان فيها إقامة دينه ما دام يتمكن من الانتقال إلى بلد يتمكن فيه من إقامة الدين، وهذا داخل في قوله -صلىالله عليه وسلم-: "والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه".
ونحن ننصحك بأن لا تتعجلي بالطلاق؛ فإنه إذا أمكنك أن تحصلي كل هذه المصالح فذلك أولى من الحفاظ على بعضها، وتضييع بعضها، فالزواج في حد ذاته مصلحة لا ينبغي التفريط فيه، وهدم الأسرة، فإذا أمكن أن تواصلي المشوار في إقناع زوجك بالانتقال معكم، فهذا أحسن الحلول وأكملها.
وإذا لم يكن ذلك، فينبغي أن تنزلي قليلا عن المطلب الأعلى إلى مطلب أقل وهو أن تسافري بأولادك، ويبقى الزواج قائما، ويأتي الزوج إليك متى تيسر له المجيء؛ فبقاء الرابطة الزوجية مؤثر على نشئة الأبناء والبنات.
فإذا كان هذا ممكنا، وليس عليك فيه ضرر، ولا تخشين على دينك، فهذا خير لك من طلب الطلاق بلا شك.
أما إذا كنت تخافين على نفسك الفتن بسبب غياب الزوج عنك، وكان مصرا على عدم الانتقال معكم، ففي هذه الحال يجوز لك أن تطلبي الطلاق؛ لأن الطلاق يجوز طلبه إذا وجد المسوغ والمبرر المقبول شرعا، وقد قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- من امرأة ثابت بن قيس بن شماس طلبها الطلاق من زوجها، لأنها تخاف على نفسها من الوقوع في معصية الله تعالى في التقصير بحق زوجها، والتقصير في حق الزوج معصية، فأقرها النبي -عليه الصلاة والسلام- على طلب الطلاق خشية الوقوع في معصية الله تعالى.
فإذا لم تتمكني من تجنب هذه المعاصي، وتجنيب أبنائك هذا الخطر إلا بطلب الطلاق، فإن طلب الطلاق ليس عليك فيه إثم.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، وخير ما نوصيك به اللجوء إلى الله تعالى، والإكثار من دعائه، واستخارته سبحانه وتعالى في أن يقدر لك الخير، ونسأل الله تعالى أن يجلب لك الخير، ويدفع عنك كل مكروه.