الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي فقدت ذاكرتها وأصبحت غير مكلفة، فهل أطلقها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ 3 سنوات اتفقنا أنا وزوجتي على الطلاق؛ بسبب خياناتها المتكررة، وفقدان ثقتي بها، وأقصد خيانات عاطفية، ولا أعتقد أنها وصلت لمرحلة الخيانات الجسدية، ورغم إصراراها على الطلاق إلا أن أخواتها عارضن ذلك، فبقينا منفصلين دون طلاق لمدة سنة.

منذ سنتين أُصيبت زوجتي بمرض عقلي؛ بسبب عدوى بكتيرية في الدم؛ سببت لها تلفًا في الدماغ، وهو مرض أعراضه تُشبه الزهايمر، وفقدت معه أجزاء متقطعة من الذاكرة، ونسيت تفاصيل الخلافات، وحينما خرجت من المستشفى طَلَبت من أهلي تربية الأطفال، وهو شيء كُنا نتمناه من الله وقت انفصالنا، فهي مُهملة وغير أمينة، وحصل كل ذلك بدون تدخلنا.

وهي الآن تسكن في بيتي، وأنا أتولي مصاريف المياه والكهرباء والغاز والقسط، وأخواتها عليهم الأكل والدواء، وتُتابعها مُمرضة يوميًا، وتكفلت أمي وأختي بتربية الأطفال، وأنا أسكن بالقرب منهم، وبيوتنا بالقرب من بعضها، علمًا أنها تزور الأطفال أحيانًا، ولكنها تستغرب بسبب مرضها، وأنا محتار جدًا ما هو التصرف السليم شرعًا؟

زوجتي لا تُريد الطلاق، ولكن ما يشغلني الآن هو أني لا أريد ظُلمها أمام الله، وبالتالي أن أظلم نفسي، فلو طلقتها فربما تفعل أي شيء يؤذي الأطفال، أو تؤذي نفسها، ولو ظل الوضع على ما هو عليه أخشى أن أظلمها، وأنا هجرتها وخائف من الحساب؛ لأنها شرعًا على ذمتي، وأفكر ماذا لو طلبت الطلاق؟ هل أنا مُجبر على تطليقها؛ لأني هجرتها،؟أم أني غير مجبر، لأنها ليست عاقلة، ولا تصلح للزواج؟ وفي حال طلبت الطلاق أم لم تطلبه ماذا علي أن أفعل؟

وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت به، فاعلم أن الله أكرمك بأمرين:

1- أكرمك بالصبر عليها واحتساب الأجر عند الله تعالى.
2- أكرمك بتحقيق مرادك في تربية أولادك في بيت أمك.

واليوم زوجتك أم أولادك في مرحلة ضعف هي الأشد عليها منذ سنين، ولا زالت على ذمتك، ولعل الله أراد بها الخير فتابت مما كانت عليه أو نسيت ما كان منها، والأولى والأجر بك احتسابًا للأجر من الله، والتماسًا لعفوه عنك، أن تعفو عنها أنت، وأن تعيدها إلى ما كانت عليه، وأن ترحم ضعفها الظاهر البين، وأن تكون لها زوجًا وأبًا وأخًا.

أخي الكريم: أم أولادك تحتاج منك إلى قلب رحيم، قلب يتغافل عما كان لما حل بها، إلى عفو ترجو أن يقابلك الله بخير منه، والله عز وجل يقول: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى:40]، ويقول: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 133-134] ويقول -صلى الله عليه وسلم- كما جاء في صحيح مسلم: "وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا" وتذكر أن من عفا عفا الله عنه: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى:40]، فانهض وتقبل زوجتك واعف وضع هذه الآية نصب عينيك: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22].

قابل السيئة بالحسنة كما قال الله: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: 34 - 35] افعل ذلك واحذر أن تذكرها بما قد كان منها، هذه وصيتنا لك، ونسأل الله أن يعينك عليها، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً