أمي لا تعدل بيني وبين إخوتي، فكيف أتعامل معها؟

0 33

السؤال

السلام عليكم.

أمي غير عادلة بيني وبين إخوتي، عودتهم على عدم احترامي وتقديري كأخ كبير لهم، دائما تظن أنها لا تخطئ وأني دائما المخطئ، وعندما أنصحها بالعدل بيننا لا تجيد إلا قول بر الوالدين، وهي لا تصلي أبدا وغير ملتزمة بالزي الشرعي بل بعيدة عنه تماما، فكيف أتعامل معها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الفاضل- في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

أخي الفاضل: منزلة البر بالوالدين منزلة عظيمة في الإسلام، وهذا والحمد لله لا يخفى عليك، ويستمر هذا البر والإحسان حتى وإن كانا كافرين بالله تعالى، فكيف لو كانا من المسلمين، فقد أمر الله تعالى بصحبة الوالدين بالمعروف، وبالاجتهاد بالإحسان إليهما، والصبر على ما يصدر من أذى منهما.

أخي الفاضل: كون والدتك لا تصلي ولا تلبس الحجاب فهذا يزيدك واجبا آخر نحوها، وهو دعوتها للخير والحرص على صلاحها، وهذا أقل البر بها أن ترشدها للطريق المستقيم وتجتهد في ذلك.

لذلك -أخي الفاضل- عليك أن تجتهد في إرضاء أمك مهما بدر منها - إلا أن تأمرك بمعصية أو شرك أو فساد وظلم، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق - ومع هذه المخالفة - إن وجدت - لا بد من الالتزام بحسن العشرة والصحبة بالمعروف، والصبر على أي حال.

لذلك -أخي الفاضل- ننصحك بأمور مهمة تعينك على تجاوز ما تجد من قلق وتوتر تجاه والدتك وإخوانك:

أولا: احرص على إظهار المعروف والإحسان إلى والدتك مهما صدر منها، فإن الإحسان يأسر القلوب.

ثانيا: من الطبيعي أن تهتم الأم أكثر بالصغير حتى يكبر، أو بالمريض حتى يشفى، أو بالغائب حتى يعود، بينما تعتبرك أنك أصبحت بالغا راشدا، وفي حكم الرجل الناضج؛ فأحسن الظن بها.

ثالثا: ربما يكون هذا نوعا من الغيرة الخفية التي لا تشعر بها، فالشاب في سن المراهقة يحتاج للاهتمام وإثبات الشخصية، وعندما يجد أن هذا الاهتمام يذهب لمن هم أصغر منه تصيبه الغيرة الخفية دون أن يشعر بها، "والغيرة الخفية هي تضخم مشاعر الحسد والحقد دون قصد أو عمد مع عدم وعي بوجودها" فاجتهد أن تقدر هذه الأمور وتزن المواقف بعيدا عن الانفعال والمشاعر العاطفية.

رابعا: الشاب في سن المراهقة لديه اندفاع نحو إثبات الشخصية والاستقلالية، وهذا يجعله يفسر الكثير من المواقف أنها نوع من عدم الاحترام أو عدم التقدير أو الظلم، فقد تكون أفعال والدتك فعلا لا يوجد فيها تقدير لك، لكونها لا تعرف هذه المتغيرات النفسية التي تعيشها في هذا السن، لذلك عليك بمصارحتها والحوار معها، وإعلامها أنها بتصرفها تسبب لك مشاكل نفسية، وقد يكون هذا بسبب جهلها بكل ذلك، ففي الحقيقة الأم تبقى تنظر لابنها أنه صغير مهما كبر واستغنى عنها.

خامسا: الألفة التي بينك وبين إخوتك مع تقارب السن بينك وبينهم، قد تكون السبب في عدم التقدير الذي تشعر به، فأنت لا تزال في سن السابعة عشرة وهذا يجعلهم لا يشعرون بأن هناك فارقا كبيرا بينك وبينهم في السن، خصوصا إذا كان الأب لا يزال موجودا، فهم يعتقدون أن الأب هو صاحب السيطرة والكلمة وأنت لا تزال صغيرا.

أخيرا: احرص على أن تنصح والدتك بالحسنى والكلمة الطيبة، بضرورة الالتزام بالصلاة والحجاب، واجتهد بملازمة هذه النصيحة دون توقف، ويمكن أن تخبر من تثق به من محارم أمك المقربين أن ينصحها بالكلمة الطيبة، فصلاحها من أعظم البر لها.

كذلك ننصحك -أخي الفاضل- أن تكون قدوة لإخوانك في أخلاقك وتعاملك وتدينك حتى يشعروا أنك تستحق الاحترام والتقدير، كذلك ننصحك أن تخفض من حدة التوتر عند الحديث مع والدتك وليظهر احترامك الشديد لها، واجتهد أن لا تستخدم الألفاظ التي تجرحها مثل "أمي غير عادلة" فهذا مما يحزن قلبها وإن لم تتحدث، وابتعد أشد البعد عن تعييرها بعدم الالتزام فليس هذا شأن الداعية المسدد الذي يحب الخير للناس، فكم من عاص لله تعالى رجع إلى الله بالكلمة الطيبة والحكمة واللين، وكم من عاص استمر على عصيانه وازداد فيه؛ بسبب كلمة جافية ممن ينصحه!

أخي الفاضل: ليس بالضرورة أن تبرر لك الأم كل موقف أو كل حدث، ولكن أنت بعقلك وبصيرتك تفهم وتقدر، وهذا هو الذي يجعلك كبيرا في نظر والدتك، اجتهد بالدعاء لها وصنع كل ما يجعلها تحبك وتحترمك أكثر، فإن فعلت ذلك سهل عليك تغييرها ونصحها.

نسأل الله أن يوفقك للبر والطاعة، وأن يفتح لك أبواب الخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات