ترك المسيحية والدخول في الإسلام وكيفية معاملة الأصدقاء النصارى

0 289

السؤال

أنا شاب أبلغ من العمر 35 سنة، وقد اعتنقت المسيحية منذ (14 سنة) تقريبا، وهذا الأمر جعلني أسير في هذا الركب وأقتنع بالعقيدة المسيحية، ولكن الآن لا أعرف، يوجد في داخلي صوت يقول لي: ارجع إلى الإسلام.

أحيانا أسكت هذا الصوت، لكن العقيدة الإسلامية بالنسبة لي ذات صورة مشوهة كثيرا كثيرا، حتى عندما أسمع القرآن أسمعه وأفسره حسبما درسته عند المسيحيين، فأسمعه ليس كما يسمعه المسلم، وأما الأحاديث فلها نفس الشيء، ويمكن أني كنت قبل ذلك أعتبر نفسي من أتعس الناس ماديا واجتماعيا، وعلاقتي بالمسيحيين غيرت كثيرا من ذلك، حتى أن اسمي تغير، وهم يحبونني، وأراهم هم الأمه الأقوى، ووضعهم هو الأعظم، وحقيقة صعب أن أتركهم.

إن أصحابي كلهم مسيحيون، ما عدا زملائي في العمل، فمنهم مسلمون، وأنا أيضا قد تزوجت من مسلمة، ولي بنتان وولد، وهذا الأمر أخفيه عن الجميع، لا أعرف ماذا أفعل؟ وإلى متى؟ فرغم ذلك كله أعتبر نفسي مسلما.

أرجو الرد لأني بعثت لأكثر من موقع إسلامي، لكن لا جواب، فهل المسلمون فقدوا من الأرض؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونحن دائما في انتظارك، ونسأله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يشرح صدرك للإيمان، وأن ينور حياتك بالقرآن، وأن يردك سالما غانما إلى حوزة الإسلام، وأن يحبب إليك الإيمان، وأن يزينه في قلبك، وأن يكره إليك الكفر والفسوق والعصيان.

وبخصوص ما ورد في رسالتك: فأحمد إليك الله أن شرح صدرك للاتصال بإخوانك، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل فعلا على أنك ما زلت من المسلمين، رغم هذه الفترة التي عشت فيها بعيدا عن الإسلام وقيمه ومعادنه، وهذا الصوت الذي يصدر من داخلك هو صوت الفطرة الذي فطرك الله عليه، وتلك الفترة الماضية التي عشتها تحت مظلة الإسلام قد تركت أثرها على عقلك الباطن، رغم أنها قد تكون قليلة، وقد تكون خالية من العلم الشامل، إلا أنه من رحمة الله بك وحبه لك أنها لم تمت، وأن الإسلام ما زال جذوته مستقرة في نفسك، والذي أريده منك الآن أن تتوقف نهائيا عن ممارسة أي سلوك أو القيام بأي شيء يتعلق بغير العقيدة الإسلامية، وأن تنطق بالشهادتين من جديد، وأن تقطع علاقتك بالكنسية.

وأما عن أصدقائك من النصارى، فما دامت العلاقة بينهم عادية ولا علاقة لها بالدين فلا مانع من الاستمرار معهم، على أن تضع في نيتك دعوتهم إلى الإسلام مستقبلا؛ لأن هذه هي رسالتك التي خلقك الله من أجلها، وهي الإيمان به والدعوة إليه، ويلزمك كذلك ربط نفسك بالجماعة المسلمة عندكم، وذلك بأن تعود إلى المسجد وتواظب على الصلاة، وتحاول قراءة القرآن والسنة بروح المسلم المصدق لكلام الله ورسوله، والاطلاع على التفاسير الإسلامية والشروح الإسلامية للسنة النبوية، وتحرص على أن تظهر إسلامك إذا لم يكن في ذلك خطر عليك.

والحمد لله فإن ظروفك المادية والاجتماعية قد تحسنت، فما عليك إلا أن تشكر الله على هذه النعم، وشكره يكون بذكره وحسن عبادته والعودة إلى الحياة الإسلامية الكاملة، والتي على رأسها التوحيد والمحافظة على الصلاة جماعة مع المسلمين، وربط نفسك بالجماعة المسلمة عندكم؛ حتى تمارس شعائر دينك معهم، خاصة وأن زوجتك مسلمة وإن كان دورها ليس قويا، فأعنها على أن تكون مثلك عضوا فاعلا بين المسلمين. فابدأ الآن وفورا ولا تسوف أو تؤجل مخافة أن تأتيك المنية، فتلقى الله على غير الإسلام والعياذ بالله.

فابدأ من الآن أخي محمد! بمجرد قراءة هذه الرسالة اغتسل وانطق بالشهادتين، ثم واصل الرحلة كما أشرت عليك، واجعل على رأس أولوياتك البحث عن الصحبة الإسلامية الصالحة، وربط نفسك بالمسلمين عندكم، والمحافظة على الجماعة على قدر استطاعتك، وطلب العلم الشرعي الصحيح الذي يقوي به إيمانك، وتستقيم به عبادتك، وتسعد به في حياتك، واعلم أن الله أشد فرحا بعودة عبده إليه، وأنه يحب التوابين ويحب المتطهرين.

ورجائي لك ألا تكون مسلما تقليديا، وإنما أريدك مسلما حيا نشطا قويا، مطبقا للإسلام في حياتك كلها، داعيا إلى الله على بصيرة؛ حتى تعوض هذه الفترة التي ضاعت من عمرك على غير الإسلام. ولا تلتفت لسلبيات المسلمين العوام، واطلب العلم الشرعي، وصحح قراءاتك عن تفسير القرآن والسنة، واجعل أهل بيتك معك في السير إلى الله على طريق الصالحين.

مع تمنياتنا لك بالتوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات