أشعر بظلم والدي وأهلي، فما نصيحتكم؟

0 2

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

أعاني من ظلم الأهل منذ صغري، وأرى الوالدين منافقين، يدعوان إلى الإسلام ولا يصليان، ويمنعاني من الخروج إلى الصلاة أو العمل أو النزهة، أو السفر، أو الخروج مع أصحابي الصالحين، وأنا أصلي في المنزل.

أصبت بالاكتئاب الحاد، وأدمنت الإباحيات والعادة السرية، وتركتها ورجعت عدة مرات، وأنا مدمن لمدة 11 سنة، وأصبحت انطوائيا، لا أحب أن أرى الناس، وتعقدت.

علما بأني الآن طالب جامعي، ودرجاتي عالية جدا، وحصلت على 98.90 من 100 في الثانوية، ولم يقدما لي هدية، ولا يساعداني، أدعو دائما أن ينجيني الله منهما، أو أن أموت، حتى إني شربت سموما خطيرة، وعملت حبل المشنقة وقررت أن أموت، ولكن الله أنقذني.

أريد منكم حلا، هل إذا غادرت من المنزل وذهبت للعمل، وتركتهم وجئت فقط في آخر اليوم وساعدتهم في بعض الأشياء، هل علي إثم؟ علما بأن لدي أخا كبيرا، وأخا أكبر مني بسنة.

يقولون: إنه يجب أن تكون بارا بوالديك، ويستعبدوني، وكأني عبد، وهم يمشون ولا يوجد لديهم مرض، والأب مدمن للتدخين، ويسكن في غرفة لوحده، بسبب خلافات بينه وبين أمي في المنزل.

أنا الذي أطبخ له الشاي دائما، والفطور والغداء والعشاء، ولا يقدر بري له، ومساعدتي له، وإنما يشكو مني دائما، ويسب ويلعن، وأنا لا أرد عليه، ولا أتكلم معه، لأنه لم يحسن تربيتي، ويمنعني من الخروج، فقط لأخدمهم!

ماذا يجب أن أفعل؟ وأنا أدعو دائما بالفرج والنصر والرزق، ولا يستجاب دعائي من الله، لأنني أدمنت الإباحيات، فأريد أن أخرج من الظلمات إلى النور.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بدر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أخي الحبيب- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يقدر لكل الخير حيث كان وأن يرضيك به ، ونحن سعداء -أخي الحبيب- بتواصلك معنا، وبخصوص ما سألت عنه فنحب أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: لا بد ابتداء أن نفصل بين أمرين:
1- بين علاقة الوالد بربه وعلاقتك به.
2- بين إحسانه إليك وبرك له.

هاتان النقطتان إذا لم تتضحا لك، فإن المشكلة ستتفاقم بينك وبين والديك، وستعالج الخطأ الذي لن تحاسب عليه بعقوق تخسر به دنياك وآخرتك، لذا يجب عليك -أخي- ابتداء الفصل بين الأمرين، وهما:

- عدم صلاة والديك كبيرة من الكبائر، وسيحاسبون عليها بين يدي الله، إن لم يهدهم الله تعالى ويتوبوا إلى الله توبة صادقة.
- منعهم إياك الصلاة في المسجد، والخروج مع أصحابك والتنزه، هو أمر غير متفهم لنا، لكن الخطأ فيه وارد، ولا ندري الأسباب الدافعة إلى ذلك.

لكن في المجمل: هذه الأخطاء لا تجيز لك الحديث عن والديك بهذا الأسلوب، ولا نعتهم بالمنافقين، فإن هذا لا يحل لك، بل واجب عليك -مع ما ذكرت- برهم والإحسان إليهم، هكذا أمرك سيدك ومولاك، بل طالبك بحسن العشرة، ولو كانوا كفارا، بل لو أرادوا أن يجعلوك كافرا، قال الله تعالى: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا) يأمر الله بحسن المصاحبة وهم كفرة محرضون على الكفر، فكيف بوالديك؟ وعليه فالبر ليس معاوضة، بحيث يحسن الابن بمقدار إحسان الأب، لا -أخي الكريم-، البر واجب وإن أساء الوالد، فرض وحتم وإن قصرا في واجبك، من وجهة نظرك.

أخي الكريم: اعلم -أصلحك الله وأسعدك- أنك لن تجد على ظهر الأرض من يحبك كحبهم، أو من يرجو الخير لك مثلهم، تلك -أخي- فطرة فطرهم الله عليها، وهذه الفطرة لا تتبدل ولا تتغير، ولذلك نوصيك بما يلي:

1- الحديث إلى والديك والتقرب إليهما، والنظر إليهما بغير تلك العين الحالية، واجب عليك، لذا نرجو النظر إليهم بود وحب، فقد تعبا كثيرا في حياتك وأنت صغير، وتحملا عنك ما لا يعلم به إلا الله، ويوما ما حين تكون أبا ستدرك تلك المعاناة.

2- فهم الإشكاليات الخاصة بك منهم، والاجتهاد في إزالتها ما أمكنك ذلك.

3- حثهم بهدوء على الصلاة، فإن أعظم البر وأفضله أن تعينهم على آخرتهم.

4- إن استطعت أن يكون لك دور إيجابي في الإصلاح بينهما فافعل، وإن لم تستطع فاجتهد في الإحسان إليهما ما أمكنك ذلك، واطلب من الله الأجر، واعلم أن الله سيكتب أجرك في الدنيا ويعظمه لك في الآخرة.

أخي الحبيب: إننا ننكر كل سلوك تربوي يقوم به أي أحد، حتى ولو كان الوالد مع ولده، لكن هذا لا يحجب أن حق والديك عليك عظيم، بل لا تستطيع مهما أوتيت أن تفي حقهما، هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (لا يجزي ولد والدا إلا أن يجده مملوكا، فيشتريه فيعتقه) ونذكرك بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أنت ومالك لأبيك).

انتبه -أخي- من حديثك وتصرفاتك معهم، وتغافل عن أي تقصير، واحرص على استجلاب مرضاة الله ببرهم، وأنت و-الحمد لله- عاقل وصاحب تدين، وستتغلب على نفسك سريعا، إن شاء الله، نسأل الله أن يرزقك برهما، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات