السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي لديه تأخر ذهني، ولا يفهم إذا طلبت منه أن يفعل شيئا، ويقول لماذا؟ فأشرح له ليفهم ويرد بقوله: (حسنا) ثم يعيد الكرة مرة أخرى في كل شيء، ويصرخ مثل الأبله وكأننا نظلمه ونعاديه، ثم يعود ويعتذر، كل يوم تتكرر نفس الأحداث معه، حتى أصبحت لا أطيق الجلوس معه بهدوء.
والدتي امرأة أرملة، ولم يحالفها الحظ مع والدي -رحمه الله-، والذي كان يرانا بالكاد دقيقة واحدة في السنة، لم أحزن عليه حينما توفي، بعد وفاة والدي أصبحت أمي تعاني مرة أخرى مع أخي، أخي هذا الكائن الذي لو أننا ربينا كلبا سيتصرف ويفهم أفضل منه. أهرب من المنزل ولكني أحتاج الجلوس للمذاكرة لأتمكن من العمل وجلب المال الذي يحل مشاكلنا، وأحيانا لا أتحمل فكرة الهروب وترك أمي بمفردها، وأعيش في صراع نفسي كبير بين الهروب والبقاء.
بعد جائحة الكورونا أصبحت كسولا بشكل رهيب، وعندما أجلس في البيت لمحاولة التأقلم منذ 4 أشهر كنت أضرب أخي حينما ينفد صبري، فهو يتشاجر بصوت عال مع والدتي على طعام معين، أخي يتناول الأدوية التي تثبطه قليلا ولا تعالجه، والدتي حزينة ولا أدري ماذا أفعل، ألوم أخي أحيانا وأفكر بأنه لا دخل له.
شكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- وشكرا لك على الاهتمام بأمر الأخ وأمر الوالدة، ونسأل الله أن يرحم الوالد رحمة واسعة، وأرجو أن تكثر له من الدعاء، فيظل والدا وإن قصر، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرحمه، وأن ويرحم أمواتنا وأموات المسلمين.
وأيضا بالنسبة لهذا الأخ: أرجو أن تحسن التعامل معه؛ لأنك أشرت إلى أن عنده تأخرا ذهنيا، ويبدو أيضا أنه دخل في مرحلة عمرية جديدة، فيها العناد، وفيها ترديد الكلام، وتكرار السؤال، وكل هذا مما ينبغي أن تجتهد في الصبر عليه وحسن التوجيه له، ونتمنى أيضا أن تكون عونا للوالدة، فنحن لا نؤيد خروج أمثالك من البيت إذا كانت الوالدة والبيت بحاجة إليك، نسأل الله أن يعينكم على هذا الأمر.
ونحب أن نؤكد أن كثيرا من البيوت لا تخلو من الصعوبات في التعامل مع الأبناء أو البنات، ونسأل الله أن يعينكم على تجاوز هذا الإشكال، ولا شك أن الأمر ليس بسهل، ولكن -إن شاء الله- بتعاونكم، وبحرصك على قربك من الوالدة، وبتفهم حالة الأخ التي أشرت إلى أن فيها تأخرا ذهنيا، وأنه يحتاج أن ترددوا له الكلام وتعيدوا له التوجيه، والجديد أنه الآن يناقش ويحاور، وأعتقد أن العصبية والعنف في التعامل معه لا يزيد الأمر إلا سوءا. كما نتمنى أن تراعي حالة أخيك وأنه معذور في الكثير من تصرفاته، وأن تبتعد عن التعامل معه بطريقة غير لائقة، أو أن تقول عنه كلاما غير لائق، كقولك: (أخي هذا الكائن الذي لو أننا ربينا كلبا سيتصرف ويفهم أفضل منه)، لا يصح أن تقول عن أخيك مثل هذا الكلام، وأنت أرفع قدرا وأجل شأنا من ذلك، وأخوك في ذمتك وأنت العاقل الكبير.
عليه أرجو أن تغير طريقة التعامل معه، واجتهد دائما في أن تتفق مع الوالدة في خطة موحدة، ولا تملوا من توضيح الأمور له حتى يؤديها بالطريقة الصحيحة، واعلموا أن كثيرا من البيوت فيها مشكلات، لكن من المهم أن نحسن إدارة المشكلة التي عندنا، ونحن نشرف بأمثالك من الذين يعملون، من أجل أن يقوموا بمقام الوالد ومقام الأخ ومقام الموجه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقك بر الوالدة.
ونتمنى أيضا أن تستوعب أن هذه هي قدرات هذا الأخ، والتحسن -إن شاء الله- سيأتي مع حسن المعاملة، أيضا مع مراجعة المختصين في تطوير القدرات والمهارات، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقكم، وأن يرفعكم عنده درجات.
الذي نريد أن ننبه له هو أن تحرصوا على طاعة الله تبارك وتعالى، وكثرة اللجوء إليه سبحانه وتعالى، واعلم أن هذا الضيق الذي عندك لا يزيد الأمور إلا تعقيدا، فالإنسان ينبغي أن يرضى بقضاء الله وقدره، ويحرص على الخير ولا يعجز، ونسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن أعطوا فشكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا أذنبوا استغفروا.
نكرر الترحيب بك في الموقع، ونطمع في أن ترسل تفاصيل تساعدنا في أن نضع معك خطة تساعدكم في تصحيح مسار هذا الأخ، ونسأل الله لنا ولكم الهداية.
هذا، وبالله التوفيق.