السؤال
قدر الله لزوجي الدخول للسجن ظلما، بسبب وشاية أحدهم، وتم إلباسه تهمة ترويج أفكار إرهابية، وتم الحكم عليه بالسجن 5 سنوات، مضى منها أكثر من ثلاث سنين.
كنت رافضة بشكل قاطع أن أطلق منه؛ لأني متأكدة أنه مظلوم، وما حصل معه هو كما حصل مع كثير من الملتزمين للتضييق عليهم، ولكن منذ مدة تنتابني أفكار سلبية ووساوس، وصرت أفكر بجدية بترك زوجي والزواج من رجل آخر، مع أني أحبه جدا؛ لأتخلص من هذه المصيبة، وصرت دائمة التفكير بحال أولادي إذا أنجبنا مستقبلا، كيف سينظر المجتمع إليهم، هل سينظرون إليهم على أنهم أولاد إرهابي؟ وكيف سينظر المجتمع لزوجي الإرهابي بنظر القانون؟ وكيف سينظر الناس لي؟
سأبقى طول عمري وأنا أحس بالنقص والعار من تهمة زوجي، مع أنه مظلوم وهو ليس إرهابيا، ونحن نعيش في زمن صعب، أحس أنني لو تركته سأرتاح من هذا الهم، ومن ناحية أخرى لا أريد أن أظلمه، ساعدوني
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يقدر لزوجك الخير، وأن يصلح الأحوال، وأن يلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
نحن سعداء باهتمامك بأمر زوجك وتواصلك مع الموقع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يهدينا جميعا إلى جمال وكمال هذا الدين العظيم الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
إذا كان زوجك بريء - كما أشرت - فسيبرئه الله تبارك وتعالى، والإنسان قد يتعرض في هذه الدنيا لمواقف، ولكن العبرة بما بينه وبين الله تبارك وتعالى، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرينا جميعا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.
أما بالنسبة لمسألة الفراق من الزوج؛ فنحن نميل إلى الانتظار والاستمرار معه، والإنسان لا يترك القناعات التي عنده لأجل قناعات أخرى، فإذا كنت على قناعة أن زوجك بريء وأنه لا ذنب له في هذه التهمة وأنه أبعد الناس عنها فكوني وفية له، وأكملي معه مشوار الحياة، ولا عبرة بنظر الناس إذا كان الإنسان فاز برضا رب الناس سبحانه وتعالى، فعلينا أن نسعى جميعا فيما يرضي الله تبارك وتعالى، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعين زوجك، وأن يعيننا جميعا على السير على هذا الهدى وهذا الدين العظيم، هذا الدين الذي تركنا عليه رسولنا -صلى الله عليه وسلم-.
ونتمنى من زوجك أن يتواصل مع أهل العلم الذين درسوا العلم دراسة نظامية، وعرفوا أحكام هذا الشرع الحنيف الذي أكرمنا الله به ومن به علينا، والإنسان عندما يدعو الله تبارك وتعالى ينبغي أن يكون على حكمة، ويتخذ الأسلوب النبوي في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى.
ونحن نؤكد أن الدنيا لا تخلو من الأخطاء، وليس هاهنا الإشكال، بل الدنيا لا تخلو من الصراع بين أهل الحق وأهل الباطل، ولكن العبرة كيف ندير صراعنا مع أعدائنا، وكيف ننشر ديننا - هذا الدين الجميل الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به - بذات الطريقة الجميلة التي نشر بها رسولنا -صلى الله عليه وسلم- الذي دعا الناس في سماحة وبشر، فأخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد.
أكرر: نجد في أنفسنا ميلا إلى الوفاء لهذا الزوج، والإنسان لا ينظر إلى نظر الآخرين وقناعاتهم، فكوني على القناعات التي أنت عليها، وشجعي زوجك أيضا على حسن التمسك بهذا الدين وفق الأحكام والآداب الشرعية التي جاء بها رسولنا (ﷺ)، ولابد أن يكون له مرجع من أهل الثقات الذين يعرفون كيف يبينون أحكام الله تبارك وتعالى.
وأريد أن أقول أيضا: مسألة الاستمرار مع الزوج أو البقاء هو في النهاية خيار للمرأة، وهي التي تقدر المصلحة، ولكن الذي نميل إليه أن تكملي مع هذا الزوج، وتكوني عونا له على الاستقامة، ومن مصلحته ومصلحة كل من يريد الخير لدينه ولبلده أن يبتعد عن السبل التي تجلب له المشاكل، وأن يحاول إذا وجد منكرا أن يعرف الطريقة الصحيحة في تغييره؛ لأن تغيير المنكر والدعوة إلى الله تبارك وتعالى أيضا تحتاج إلى فقه، وهذا جانب ينبغي أن يهتم به الشباب الكبار والصغار، ينبغي أن نحرص على أن ندعو إلى الله تبارك وتعالى بحكمة وبصيرة.
ونحن في مجتمعات مسلمة نحتاج إلى أن نبذل أحسن السبل في هداية إخواننا، وفي بذل النصح، والذي يريد أن يأمر بالمعروف ينبغي أن يكون أمره بالمعروف، وينبغي أن يتخذ الخطوات الصحيحة، وعلينا جميعا أن نتعاون في إعادة أمجاد هذا الدين الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعين زوجك على فهم هذا الدين، وأن يعيننا جميعا على القيام بواجبنا جميعا في مناصرة بعضنا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجمع بينكم في الخير، وأن يرزقكم الذرية الصالحة، وأن يحول هذه المحنة إلى منحة، فكثير من المحن تتحول إلى منح بالرضا بالله تبارك وتعالى.
نسأل الله أن يجعلنا ممن إذا أعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا أذنبوا استغفروا، ونكرر لك الشكر على التواصل مع الموقع.