تصدقت ودعوت وإلى الآن لم تستجب دعواتي، ماذا أفعل؟

0 41

السؤال

لدي مشكلة في نفسي وأحتاج النصيحة، منذ مدة وأنا أدعو الله عز وجل أن ييسر لي الحصول على رخصة قيادة السيارة في دولة إقامتي، حيث إن الحصول عليها شبه مستحيل.

أدعو الله وأتضرع إليه، شربت ماء زمزم، ودعوت وقمت الليل ودعوت، تصدقت ودعوت، وإلى الآن لم تستجب دعواتي، ومهلة الحصول على الرخصة أوشكت على الانتهاء، وأنا فاقد للأمل، وتذمرت صراحة، أعرف أن هذا ليس من صفات المسلم، لكني استكنت لضعفي ونفسي، وفقدت الأمل، فماذا أفعل؟

بارك الله فيكم، وشكرا مقدما للنصيحة، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هارون حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم- في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

أخي العزيز، هناك أمور مهمة ينبغي أن تتعرف عليها، وتكون على علم ويقين بها، وهي:

أولا: اعلم أن الاستجابة من الله للدعاء متحققة، وهو سبحانه يجيب الدعاء، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم، ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا: إذا نكثر، قال: الله أكثر) رواه احمد، لذلك فالدعاء مستجاب بلا شك.

ثانيا: أنت تدعو الله وتقدم رغباتك وما تريد وفق ما تعلم من ظاهر الخير والمصلحة، وبحدود علمك البسيط، ولكن الله تعالى علمه مطلق يعلم ما كان وما سيكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، وبهذا الأمر يكون علم الله وإحاطته وتدبيره يفوق نظرتنا القاصرة والسطحية، فما يختاره الله لنا هو الخير، سواء كان ما نريد أو ما لا نريد، يقول تعالى: (وعسىٰ أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ۖ وعسىٰ أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ۗ والله يعلم وأنتم لا تعلمون).

لا بد أن تعي هذا الأمر جيدا، فكم من شيء ظن الإنسان أنه خير له فكان فيه الشر، وكم من خير تعجل به الإنسان كان شرا له، لذلك نحن ندعو الله في الاستخارة فنقول كما في الحديث (اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر- ويسميه باسمه من زواج أو سفر أو غيرهما- خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فيسره لي ويسرني له، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، وقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به).

ثالثا: قد يكون هناك مانع لإجابة الدعاء مثل أكل الحرام أو دعوة مظلوم، وقد يكون هناك ابتلاء وامتحان لصبر الإنسان، وحسن توكله على الله، وفي هذا تربية لقلب المؤمن أن يكون في الشدة والرخاء مع الله تعالى، لا أن يفرح في الرخاء ثم يتذمر أو يعترض في الشدة، فليس هذا حال المؤمن.

لا تجعل علاقتك بالله علاقة مقايضة، فإن أعطاك رضيت وإن منعك سخطت، وليكن حالك اليقين والاستسلام لما يختاره الله لك، محققا ما عليك من أسباب مادية لتحقيق ما تريد، ثم اجتهد في حسن التوكل على الله، والله سيختار لك الخير بلا شك سواء عاجلا أو آجلا، واعلم أن هناك من الأمور ما يراه الإنسان خيرا، لكنه في علم الله باب لفساده وحصول الشر له.

لذلك عليك -أخي الكريم- بالتوبة إلى الله من السخط على الله، وما يقدره عليك، وكن شاكرا لما بين يديك، فربما جعل رزقك في باب آخر، وطريق أفضل لا تعلمه، وربما في هذا المسلك هلاك لك أو فساد لحياتك، وأنت لا تعلم، فكن واثقا بأن الله تعالى لا يقدر إلا الخير سواء في العطاء أو المنع.

وفقك الله لما يحب ويرضى.

مواد ذات صلة

الاستشارات