السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالبة في الكلية، وعلى وشك التخرج، ويوجد معيد تخرج العام الماضي، وأحس أنه يراقبني بنظراته، ويظهر أمامي كثيرا. ذات مرة تقدم نحوي، وأراد التحدث إلي، وأنا خفت وهربت منه، لأن من المستحيل أن يعجب بي، فأنا لست جميلة، وخفت أن يضحك من صورتي. تجاهلته لحظتها، فحزن وغاب عن الجامعة لمدة أسبوع، وعندما عاد صار يدرس مرحلة غير مرحلتنا، وبدأ يتجاهلني، ولم يعد يهتم بي كالسابق.
حزنت لذلك، فربما أرادني بالحلال ولم أسمح له بالكلام، فبكيت، وبينما أنا أتصفح الإنستغرام رأيت صفحة مكتوب فيها: (ماذا لو كان الشخص الذي تبكي عليه أساسا من نصيبك؟)، فدعوت الله إن كان صالحا وخيرا لي أن يجمعنا بالحلال معا. وأيضا بعد مدة رأيت عندما كنت أقلب الهاتف، يظهر لي هذا الكلام بشكل عشوائي: (هو يدعو أن يجمعه الله بها بالحلال، لأن الرجل والمرأة كل منهما مكتوب للآخر).
هل هذه رسائل من الله، أم أنها مجرد صدفة؟ لا أعلم صراحة، أنا مشكلتي أن ثقتي بجمالي صفر، لأني تعرضت للتنمر من أهلي، وقالوا: من سيتزوجك وأنت بهذا الشكل؟! ويقارنوني مع ممثلات، فحزنت ولم يتقدم لخطبتي أحد.
علما بأني عندما كنت صغيرة كان الكل يشهد على جمالي وحسني، وعندما كبرت في الثانوية تغير شكلي، وأصحبت نحيلة البدن شاحبة، بوجه مصفر، وبدأت الاهتمام بنفسي، بطريقة لبسي واستخدام أقنعة التجميل، ومنتجات العناية، وصاروا يقولون: أنت جميلة، ولكني أحس أنها مجاملة، وربما يشفقون علي، لأني دخلت في اكتئاب، ولا أعرف ما الذي حصل، فهل أصبت بعين وحسد؟ ساعدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يقدر لنا ولك الخير حيث كان ويرضينا به.
اعلمي -أيتها البنت الكريمة- أن كل شيء مما نلقاه في هذه الحياة قد قدره الله تعالى قبل أن نخرج نحن إلى هذه الحياة، فلا تحزني كثيرا، وثقي بحسن تدبير الله تعالى، فإن الله لطيف بك، رحيم، وأرحم بك من نفسك، فيقدر لك الخير.
اجتهدي في تحسين علاقتك بالله تعالى، بكثرة الطاعات، بفعل الفرائض، واجتناب المحرمات، فإن هذا من أعظم الأسباب لجلب السعادة لك في دنياك وفي آخرتك، كما هو من أعظم الأسباب لجلب الرزق الحسن، فإن كل خير عند الله ينال بطاعته، وقد قال الله تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب).
سيرزقك الله تعالى بحسن عملك سعادة، إما بتحقيق الأمنيات التي تتمنينها، وإما بأن يضع الله في قلبك الرضا والسعادة والطمأنينة، وكل ذلك خير.
نصيحتنا لك أن تكثري من التقرب إلى الله بالعبادة، والذكر، وكثرة الدعاء، وأن تصاحبي الصالحات من النساء الطيبات ومن الفتيات، فإن صحبتهن زاد لك وغذاء، تستعينين به على مصاعب هذه الحياة.
أما ما ذكرت في هذه الاستشارة من أنك تجاهلت هذا الرجل ثم ندمت على ذلك؛ فنحن نوصيك بأن لا تندمي، فإن ما فعلته هو الموقف الصحيح والصواب، واعلمي أن الله سبحانه وتعالى لا يمكن أبدا أن يحرمك شيئا من الخير؛ بسبب أنك أطعت الله.
إنك عندما فررت من هذا الرجل ولم تعطه الفرصة لإنشاء علاقة معك؛ امتثلت لما أراده الله تعالى منك، ولزمت حدود التقوى وآداب الشرع، فإذا كان يريد الزواج منك بالحلال فإن هذا السبب الذي فعلته لا يزيده إلا رغبة فيك، فالمفترض أن يقدر لك هذا الموقف، وأن يعرف لك هذا القرار، وأنك امرأة محتشمة، حريصة على حفظ نفسك وحفظ عرضك، وسيأتي إلى أهلك ويخطبك، فمن يريد الزواج فإن هذه الخصال وهذه المواقف تدعوه إلى التمسك بالفتاة، وليس التجاهل عنها وهجرانها.
لا ينبغي أبدا أن تعودي على نفسك باللوم والمعاتبة، فإنك لم تخطئي بفرارك، بل أصبت كل الإصابة، ونحن على ثقة تامة من أنه لو كان يريد الخير، ويريد الزواج منك؛ فإن موقفك هذا لن يزيده إلا تعلقا بك. ونحيطك علما -ابنتنا الكريمة- من خلال تجربتنا الطويلة، وتوافد الأسئلة الكثيرة من الفتيات، أن مثل هؤلاء الناس في غالب أحوالهم يكونون قطاع طريق، وطلاب شهوة، يريد الواحد منهم أن يصل إلى شهوات نفسه، ويقضي أغراضها دون مراعاة للحلال وللحرام، ثم يرمي بالفتاة بعد ذلك في بحار من الأسى والحزن، فهي الضحية، وهي التي تصاب بأنواع من الندم.
هذا كله نقوله -أيتها الكريمة- حتى لا تعودي على نفسك باللوم والمعاتبة.
أما ما ذكرته من شأن الجمال؛ فإن الجمال أمر نسبي، يختلف باختلاف الناس، فليس بالضرورة أن يكون للجمال مقياسا واحدا، فما هو جميل في نظر فلان، قد يكون أقل جمالا في نظر شخص آخر، ومن يشهدون لك بأنك جميلة يرون فيك جمالا، فلا ينبغي أبدا أن تحملي على أنه مجرد مجاملة منهم لك فقط، فمن يريد الزواج فإنه سيقيس بمعايير كثيرة وليس بمعيار الجمال وحده.
لا تتعبي نفسك باليأس، واعلمي أن الله سبحانه وتعالى عنده خزائن السماوات والأرض، وهو على كل شيء قدير، فأحسني ظنك بالله أنه سيرزقك الرزق الحسن، حسني علاقتك بالله، وتعرفي إلى النساء والفتيات، فإنهن خير من يعينك على الحصول على الزوج الصالح، وإذا تقدم لك من ترضين دينه وخلقه فلا تمتنعي من ذلك، وبهذا تكونين قد أخذت بالأسباب المشروعة للزواج، فإذا كان الله قد قدره لك قريبا؛ فسيصل -بعون الله-.
نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.