السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا مطلقة منذ ٨ سنوات، وأم لطفلة بنفس العمر، تم الطلاق بعد الولادة لخلافات بين الأهل، وحاليا والد ابنتي يرغب بإرجاعي، وأنا راغبة بالرجوع، وموافقة أن نعطي أنفسنا فرصة ثانية، وتدخل في الموضوع أطراف ثقات في سبيل الإصلاح.
المشكلة: أن أهلي غير موافقين على الرجوع؛ لدرجة أنهم قرنوا رجوعي لوالد ابنتي بعدم رضاهم علي، وعدم عفوهم عني حتى الممات.
سؤالي: هل يجوز لهم منعي من الرجوع مع قرنه بعدم الرضا والعقوق؟ وكيف لي التصرف في هذه الحالة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أ.د حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنت مصيبة في قرارك بإعطاء طليقك هذا فرصة أخرى، ومحاولة لإصلاح ما فسد في السابق، والأصل أن الأسرة ينبغي أن تكون سندا وعونا لك إذا كانت المصلحة في ذلك، فقد قال الله سبحانه وتعالى: {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون} [البقرة: 232]. فنهى الأولياء عن منع من يتولون أمورهن من الرجوع إلى أزواجهن، وسمى هذا عضلا، والعضل هو المنع.
ولكن إذا كانت هناك أسباب مقنعة لدى والديك بالمنع من هذا الشخص، وكنت لا تتضررين؛ فإن الواجب عليك هو طاعة والديك؛ لأنهم إنما يمنعونك من الزواج من شخص محدد، ولا يمنعونك من الزواج مطلقا في ظل هذه المعطيات التي ذكرناها، وهي: أن تكون المصلحة فعلا في عدم الزواج به، وكنت لا تتضررين أيضا بالطاعة لهما.
أما إذا كانت الأمور على خلاف ذلك، بأن كانت المصلحة في الزواج به، وكنت تتضررين وتخافين على نفسك في الوقوع فيما يخشى ويحذر من المنهيات والممنوعات؛ ففي هذه الحالة طاعة الله تعالى مقدمة، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فمن حقك أن ترفعي أمرك إلى القاضي الشرعي ليتولى أمرك، بأن يأمر أولياءك بالزواج، أو يتولى تزويجك القاضي الشرعي.
وفي هذه الحال لا يكون ما تفعلينه من العقوق، وليس مما يسوغ لهم أن يدعوا عليك، فإذا دعوا عليك فإنه دعاء في غير موضعه، دعاء فيه اعتداء، والله لا يحب المعتدين، وقد أخبرنا النبي (ﷺ) أن الدعاء مستجاب ما لم يدع بإثم أو قطعية رحم.
فنرجو بهذا أن يكون الموقف قد اتضح لك، ونسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يقدر لك الخير.
ننصحك بإعادة النظر في الأمر مجددا، واستشارة العقلاء، واستخارة الله -سبحانه وتعالى- والموازنة بين الأمور، وما شرح الله تعالى له صدرك فتوكلي عليه.
نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان.