الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طليقتي قهرتني بتصرفها وتطلب الرجوع إلي!

السؤال

السلام عليكم.

أشعر بخيبة أمل كبيرة تجاة طليقتي؛ فقد تزوجت منذ 12 سنةً، ورزقت ببنتين، عمرهما الآن: 12 و 9 سنوات، وبعد انتقالنا إلى شقة جديدة، وأثاث جديد، لم أمكث فيه غير 14 يومًا؛ فقد حصلت مشاكل كبيرة لمدة 9 أشهر، حيث هجرت المنزل، وبعدها تم الطلاق.

وقد قمت بإعطائها كل حقوقها بدون مشاكل، وكل ما اتفقنا عليه كنت ملتزمًا به، إلا منذ شهرين جاءني اتصال بأنها تزوجت منذ 8 أشهر، أي بعد الطلاق ب 6 أشهر من خطيبها السابق، ولم أكن أعلم أنها كانت مخطوبةً سابقًا، وقد تزوجت في شقتي، وأنه دخل عليها في شقتي، ونام في حجرة نومي التي لم أنم فيها سوى 14 يومًا، وهنا انفطر قلبي بمعنى الكلمة، ولكنها طلقت منه قبل شهرين.

لقد اعترفت هي بخطئها، وأقرت به، وصارت تترجاني بأن لا آخذ منها البنات، أو أجعلها تغادر الشقة، وتتمنى الرجوع إلي، ولكنني غير قادر نفسيًا على إرجاعها، وأشعر أنني سأموت كلما تذكرت أنها تركت غيري ينام على سريري، وفي نفس الوقت أنا لا أستطيع تركها لوحدها؛ لأن أهلها قد قاطعوها، فبماذا تنصحونني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك أيها -الأخ الكريم- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام بأمر هذه الزوجة، وأمر البُنيَّات، وحُسن العرض لسؤالك، ونسأل الله أن يُعينك على الخير.

لا شك أننا نقدّر مشاعر الغيرة التي تملأ نفسك، ولكن أرجو أن تتذكّر أن الذي تمّ هو زواج شرعي، بعد طلاقٍ وفراق تام منك، والإساءة الوحيدة هي أنها استخدمت فراشك وبيتك في عقد الزيجة الجديدة، وطالما كانت هذه الزيجة زيجةً شرعيةً بوثائقها الرسمية، ثم بعد ذلك انتهت إلى الطلاق، فأرجو ألَّا تقف طويلاً أمام هذا الموقف، وخاصةً بعد اعتذارها، وبعد طلبها بإلحاح منك أن تُسامحها، وأن تطوي هذه الصفحات التي تجد فيها رائحة الأذى بالنسبة لك، ونسأل الله أن يعينك.

واعلم أن الشيطان يُعيد للإنسان مثل هذه الأشياء؛ لأن همّ الشيطان أن يُحزن أهل الإيمان، فتجاوزْ هذه المرحلة، وانظر في مصلحة البُنيّات، وفي مصلحة هذه الزوجة، وفي صدق توبتها ورجوعها إلى الله تبارك وتعالى، وتفاديها أيضًا للأخطاء التي حصلت منها، ونتمنّى أيضًا ألَّا تستعجل في اتخاذ قرار سلبي، وستكون مأجورًا إذا حاولت أن تُعيد البيت وتُرمّمه، وأعتقد أنه من المهم أيضًا أن تعرف الاتجاه الذي تميل إليه البُنيّات أيضًا؛ لأن استقرار البنات النفسي يكون بوجود الأب والأم مع بعضهما، ونسأل الله أن يُعينك على تجاوز هذه الأزمة، وتجاوز هذا الموقف.

ودائمًا نحن ننتظر من الرجال أن يكونوا كِبارًا؛ لأن الله تبارك وتعالى ميّز الرجل بالعقل، في حين أن المرأة تطغى عليها العاطفة، وسوء التصرف، والعجلة، وكل هذه أمور متوقعة منها، وهو العوج الذي أشار إليه النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج).

وعليه أرجو أن تنظر للموضوع بالنظرة الشرعية، فإذا كان الطلاق منك صحيحًا، وبعد طلاقها منك بستة أشهر تزوجت زواجًا صحيحًا، ثم بعد ذلك طلَّقها ذلك الزوج، وهي الآن تريد الرجوع إليك، والذي يُزعجك في هذا فقط أنه تمّ على فراشك، وفي بيتك، وأنت الذي تركت لها الفراش، والبيت، والبُنيّات، وبالتالي كونها تتزوج في هذا المكان أو في غيره؛ هذا أمرٌ ينبغي أن يأخذ حجمه المناسب.

وعليه فنحن نميل وننصح إلى محاولة إعادة ترميم البيت، بشروط جديدة، وبضوابط جديدة، وقواعد جديدة تُؤسس عليها أسرتك، وتُؤمِّن عليها مستقبل الأسرة، ولك أن تشترط الشروط التي تراها مناسبةً، وأعتقد أن مصلحة البُنيّات، ومصلحة كل الأطراف في أن تعود الحياة الزوجية لتكملوا هذا المشوار، ونتمنّى أن تكون الزوجة قد أخذت درسًا عظيمًا من خلال هذه المواقف التي حصلت منها، والمؤمنة لا تُلدغ من الجحر الواحد مرتين.

نسأل الله تبارك وتعالى لكما التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً