تعلق فتاة بأخرى تعلقاً شديداً.

0 504

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

دكتور! أريد فقط تحليلا نفسيا لتصرفاتي التي سوف أذكرها الآن:
صديقتي - ما شاء الله - ملتزمة، وأنا متوسطة التدين، أحبها في الله (ونمطها حسي وأنا بصري) صداقتي لها مضى عليها 3 سنوات، وقد استغربت منها في ثاني يوم لأنها حكت لي عن مشكلة كبيرة في منزلهم تخص والديها، فقدمت لها حلا عمليا للمذاكرة، وأخبرتها أن الإنسان هو الذي يصنع الظروف، ولا يكون من صنعها.

قد ترى الأمر طبيعيا، ولكن ما حدث: أنني ابتعدت عن المنطقة التي تعيش فيها، وأرحمها كثيرا؛ لأنها تريد أن تحدثني بشكل يومي، وتعرف أخباري وأسراري - وأسراري منطقة محظورة – ولذلك لا أخبر بها أي شخص، سوى صديقة أخرى.

اكتشفت – للأسف - أنها متعلقة بي كثيرا، وتحبني أكثر ولدرجة أنها تقول لي: لا أطالبك أن تحبيني، يكفيني أني أحبك، ولا مانع من أن تكرهيني فأنا أحبك، لقد أحسست بطعم الراحة لما تعرفت عليك، ورسالة أخرى أنقلها لكم نصيا من رسائلها الكثيرة بجوالي: (يا عمري، أنا أقولها صريحة: أنا أحبك ومجنونة هادية، وحبك يعذبني ويهبلني).

وقد ذكرت لها أنني لا أرغب بسماع صوتها، فترد على ذلك: بأنها تعتذر - على خطأ لم ترتكبه - وهذا أكثر ما يغيظني، ودائما أنا على صواب وهي على خطأ، لدرجة أنني أصرخ في وجهها لا شعوريا، ثم تبكي، وتخبرني بأنها تكره المشاكل! وأذكر أنني لمحت لها بأن هذا الحب غير منطقي، وأن الحب يكون لله، وللوالدين، والأصدقاء، ولكنها بكل ثقة تخبرني بأنها تحبهم جميعا!

تصرفاتي السابقة معها:
أختلق معها مشاكل فتعتذر بدلا مني، وهذا يغظيني! وأخاف عليها لأنها تعاني من الربو، وأخبرتني أنها ليس لها أصدقاء سواي.

علاقتي بهذه الصديقة محيرة، ومشاعري تجاهها: أنني أحبها في الله، ودائما في مكالماتي لها أكون هادئة ولكن في نهاية المكالمة، أغضب وأقول لها: هذا آخر يوم تسمعين فيه صوتي، إنني أعلم أن هذا الأمر يحزنها لدرجة البكاء، وأشعر أنني أمتلك شخصية تستلذ بتعذيب الآخرين.

أتوقع -يا دكتور- أنها فاقدة للحنان في منزلهم؛ لأنه لا حوار فيه ولا حب، وأبوها منفصل عن أمها.
وجزاك الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ هادية حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمثل هذا الحب والالتصاق الشديد بين الإناث، وحتى بين الذكور يحدث، وهو حقيقة متدرج ولا نعتبره ذا نمط واحد، ولكن هذا الهيام والالتصاق الشديد الذي أخافه أنه لا يخلو من بعض الهيام الجنسي في نفس الوقت، أرجو أن تعذريني في ذلك، وأنا أحترم مشاعرك جدا.

ولكن الذي أعرفه من تجربتي المتواضعة أن هذا الالتصاق الشديد دائما يكون فيه مكونات جنسية، حتى ولو كانت على مستوى اللاوعي، وهذا التصرف يحدث من إناث - كما ذكرت – قد يكونو تعرضوا إلى الحرمان، أو أن لهم أفكار سالبة عن الجنس الآخر، أو تعرضوا إلى نوع من الأذى، أو شخصيات فيها الكثير من القصور وليس لهم القدرة على التواصل مع الآخرين.

هذا هو الذي يحدث، كما أنه يحدث في بعض المرات من بعض الشخصيات الهستيرية.

أنت جزاك الله خيرا متفهمة جدا لهذا الأمر، وتودين مساعدة هذه الصديقة، ولكن الذي أرجوه ألا تتلاعب بأعصابك ووجدانك، عليك أن تصارحيها وأن تقولي لها أنك تحبينها في الله، والأمر يجب ألا يتعدى ذلك، وأنت تخافين عليها جدا؛ لأن مثل هذا الالتصاق ومثل هذا التعلق ربما يؤدي إلى مشاعر سلبية، وهذه المشاعر السلبية بالطبع يقصد بها المشاعر الجنسية، وهذا ضروري جدا حتى لا تقع هذه الصديقة في الجنسية المثلية.

أنا أعرف - إن شاء الله - أنك صامدة وهي بعيدة عنك، ولن تلحق بك أي نوع من الأذى، ولكن ربما تستبدل عواطفها مع شخص آخر، فأرجو أن ترفعي من مستوى وعيها، وأن تبلغيها بأن هذا هو الذي تخافين عليه.

هذا النوع من المواجهة - إن شاء الله – سوف يحرك في ضميرها مشاعر تكون أكثر مسئولية حيال ما تسميه بالحب حيالك، هذا الأمر أرى أنه سيكون فعالا جدا وعليك أن تكوني ثابتة في هذا المنهج، لا أقول لك أنك ترفضينها، وأرجو أن توضحي لها ذلك أنك لست برافضة لها، ولكن لابد لك أن تسدي لها النصيحة والنصيحة الكاملة، ويجب أن تكوني قوية ولا تسمحي لها مطلقا بالتلاعب بوجدانك وعواطفك.

كما ذكرت سابقا، لا شك أن ظروفها الأسرية قد تكون لعبت دورا في ذلك، ولكن نحن نعرف أن الكثير من الناس عاشوا ظروفا أسرية أسوأ من ذلك وليس لديهم مثل هذه المشاعر الجياشة جدا، أرى أن هنالك علة في شخصيتها قد لعبت دورا أساسيا، وجزاك الله خيرا على سعيك نحو إصلاحها وتوجيهها.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات