السؤال
شكرا لك يا دكتور الفرجابي، ولكني أتهاون مع نفسي كثيرا ولقد قلت لك من قبل أن مشكلتي بدأت منذ 3 سنين، أي منذ السنة الأولى ثانوي، فقد كنت أعطي لجسدي من الراحة ما كان يؤرقني، فأنام ما يزيد عن 14 ساعة.
وأنا لا أستطيع أن أرى إحباطي وفشلي؛ فأهرب إلى النوم، فكانت النتيجة أنني لم أنجح في الثالثة ثانوي؛ بسبب كثرة نومي وعدم اجتهادي، فنفسي أصبحت باردة، وأنا أخشى أن أكون مرتكبة كبائر بعدم اجتهادي وتطلعي لأن أكون الأولى على قسمي؛ لأنني رغم أن لي الرغبة والإرادة ولكني لا آخذ بالأسباب.
وها هي مشكلتي تأخذ عامها الرابع، فقد قمت بحساب عدد الساعات التي نمتها منذ بداية العام الدراسي إلى الآن، فوجدت أنني نمت 135 يوما! فأنا دائما أنقاد وراء نفسي وجسمي وأطيعهما وراء رغبتهما في الراحة والخمول والكسل، فجسمي قد ارتاح هذا العام، ومنذ 3 سنوات وهو في راحة؛ لذلك يجب أن أواجه هذه النفس الكسولة بقوة، وإلا فإني سأخسر الدنيا بعدم الفلاح فيها، والآخرة بعدم الفوز بها!
فإذا كان جسمي يحاربني بميله إلى الراحة، فيحرمني بذلك من صلاة الفجر ومن المذاكرة للتوفق في دراستي، فهل تعلم يا دكتور أنني في بعض المواد قد حصلت على (0.00)! فماذا بقي بعد هذا؟ وتريدني أن أعطي لهذا الجسم وهذه النفس الراحة؟ فلترتح في القبر، فهناك طول الرقاد والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (لو أن أحدا يجري على وجهه من يوم ولدته أمه إلى يوم يموت هرما في مرضاة الله، لاستصغره يوم القيامة).
فأنا لا أريد أن أرتاح في الدنيا وأضيع آخرتي، ولكن رغم هذا كله الذي قلته لك، لم أبدأ في تطبيق ترك النوم؛ فأنا لا أعرف ماذا يحدث لي، فهل أنا أصبحت كالأنعام؟ إنني أنتظر رأيك -يا أبي الفرجابي- ولكني أرجوك ثم أرجوك ألا تتأخر علي في الرد! أرجوك أن تبدأ باستشارتي وتجعلها الأولى، فأنتم لا تجيبونني إلا بعد مضي 20 يوما وهذا كثير جدا، فإنني لم أجتز الامتحان الأول بخير، لأنني كنت أنتظر ردك، ولايزال لي امتحان في 7 مواد وأنا لا أراجع شيئا! إنني في انتظار ردك فلا تتأخر علي أرجوك!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شمس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله أن يسهل أمرك وأن يلهمك السداد.
فإن البصائر تتفتح أحيانا من خلال الأخطاء، فلا تقطعي الأمل في توفيق رب الأرض والسماء، واتعظي بما حصل، كل بسبب كثرة النوم الزهد في العلياء، وقد أحسن من قال:
وما نيل المطالب بالتمني *** ولكن ألق دلوك في الدلاء
وليس الفشل في الثانوية هو نهاية المطاف، واحمدي الله الذي أعطاك من القدرات والفهم ما وصلت بسببه بعد توفيق الله إلى الثالث ثانوي، واعلمي أن هذا أكبر دليل على ما عندك من القدرات، فانفضي عنك غبار اليأس والغفلات، واستعيني بمن يمنح النجاح ويرفع الدرجات، وتجنبي المعاصي والمخالفات.
وأرجو أن تعلمي أن الحل ليس في تكليف النفس فوق طاقتها؛ لأن هذا التصور يعد من أسباب التراجع، والمتسابق الناجح هو الذي يبدأ بحماس زائد، ويكلف نفسه فوق طاقتها، يكون " كالمنبت الذي لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى" فيخرج من السباق مهزوما وقد هلكت دابته.
ونحن نتمنى أن تكوني عملية وتستخدمي أوقات الصحو في العبادة والعلم، ولا تشغلي نفسك بما حصل في الماضي، فإن الإنسان يملك الساعة التي يعيش فيها فقط، فإذا قرأت هذه الإجابة فاستعيني بالله وخذي كتاب الدراسة، فإذا مللت منه فتناولي الآخر ولا تفكري في الكتابة إلينا إلا بعد الفراغ من الامتحانات حفظا لوقتك، فنحن نتمنى أن نسمع عن نجاحك.
واعلمي أن كلا طرفي قصد الأمور ذميم فالإفراط مرفوض، وكذلك التفريط، وخير الأمور أوسطها، فصلي لله ونامي وذاكري دروسك وارتاحي.
واجعلي غدك أفضل من يومك، وذلك بأن تقللي في كل يوم من ساعات النوم وتزيدي من لحظات الجد والمذاكرة.
ونحن لا نظن أن الوقت مناسب لحساب ساعات النوم في السنوات الماضية، ولن يستفيد الإنسان من تعداد الخسائر إلا إذا كان ينطلق بعدها إلى الأمام، أما أن يكون هدفه التحسر وعض أصابع الندم ويكون حاله كحال الذي لدغته عقرب فوقف في مكانه وأخذ يقول لنفسه لو جئت من هذه الناحية لما لدغت، ولو قدمت رجلي قليلا لما لدغت، والعقرب تدور حوله وتكرر عليه اللدغات ونجاته في الهرب وفي العمل الإيجابي واعلمي أن راحة القبر لا تنال بكثرة العمل، ولكن بتجويده وبتصحيح النية فيه( الإخلاص فيه لله ) فإن القبور مظلمة ونورها هو العمل الصالح.
وبالله التوفيق.