السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
ماذا تفعل الزوجة، وكيف تصبر مع زوج تعيش معه أسباب الطلاق والفراغ العاطفي تحت سقف واحد، ولا يجمعهم أي شيء؟! علما أنها قامت بأكثر من محاولة للصلح، لكنه يأبى ذلك ويصر على الخصام، ومع الوقت سيكون الطلاق طلاقا فعليا، علما أن لديهم ثلاث بنات يعشن في جو كله هم وحزن، وهذا يؤثر على العملية والتربوية.
أرجو الاجابة عن قريب، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حنان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك – أختنا الكريمة – في استشارات إسلام ويب. نسأل الله تعالى أن يصلح لك الأحوال كلها، وأن يعيد ما بينك وبين زوجك من الألفة والمودة، وقد أحسنت حين بذلت وسعك، وحاولت أكثر من مرة الإصلاح بينك وبين زوجك.
وهذا العمل ينفعك في دنياك وفي آخرتك، فلا تترددي أبدا من تكراره وإعادة المحاولة، فإن الله سبحانه وتعالى أوصى المرأة بمحاولة الإصلاح، ولو بالتنازل عن بعض حقوقها عندما تخشى نفور الزوج منها وسير الأمور نحو الطلاق، فقال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير} [النساء: 128].
وأخبر سبحانه وتعالى في نفس الآية أن النفوس مجبولة على الشح، فقال: {وأحضرت الأنفس الشح} [النساء: 128]، فعندما تتعاملين مع زوجك ينبغي أن تستحضري هذه الحقائق القرآنية، أن النفوس مجبولة على الشح، وأن المزيد من المحاولات ربما يجدي وينفع.
فننصحك بأن تأخذي بالأسباب التي تزيل هذا التنافر بينك وبين زوجك، وتسلمي بعد ذلك الأمور لقضاء الله تعالى وتقديره، فقد قضى سبحانه وتعالى ما كان وما سيكون، فلا تحزني كثيرا، واعلمي أن كل ما يقدره الله تعالى هو الخير.
فنوصيك أولا بالأخذ بالأسباب، ومن هذه الأسباب الاعتذار عن التقصير أو الخلل في الماضي – إذا كان هناك خلل أو تقصير – ولو لم يكن، وإنما يظنه الزوج؛ فينبغي أن تبادري أنت إلى الاعتذار، ومحاولة الوعد بأن الحال لن يكون كما كان في السابق، ونحو ذلك من الكلام الطيب الذي يستميل القلب ويطفئ نار الغضب.
ومن ذلك أيضا التجديد في أحوالك أنت من حيث التجمل والتزين لزوجك، ومحاولة استمالته إليك.
ومن الأسباب أيضا استعمال المؤثرات التي تؤثر عليه، من كلمات الأقارب أو الأصدقاء الذين يمكن أن يؤثروا على قراره، وأن الإصلاح بين الزوجين خير من الفراق، وأنفع للزوجين وللأولاد، وأحب إلى الله سبحانه وتعالى، فإذا وصله شيء من هذا الكلام؛ ربما عدل عن قراره.
فإذا لم تجدي كل هذه الوسائل فاعلمي أن الله عز وجل حكيم رحيم، يقدر الأشياء بحكمة ورحمة وعلم، وقد قال سبحانه وتعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} [البقرة: 216]. وقال في آية الطلاق بعد آية الإصلاح، قال: {وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما} [النساء: 130]، فهو سبحانه وتعالى يجري الأمور بحكمة، والحكمة وضع الأشياء في مواضعها.
فلا تحزني كثيرا إذا آل الأمر وانتهى إلى الطلاق، فإن ما يقدره الله سبحانه وتعالى خير، وقد كتب قبل أن نخلق، وقد قال الله في كتابه على سبيل المواساة: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم} [الحديد: 22-23].
فإذا آمن الإنسان بالقدر استراحت نفسه، وهدأ قلبه، وعلم أن كل شيء مقدر، فيفوض المؤمن أمره إلى الله، ويدعوه ويسأله أن يقدر ما فيه الخير.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لكم الخير.