السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ورمضان مبارك.
أتمنى منكم الاستماع إلى قصتي ومساعدتي، تكلمت مع فتاة، ووعدتها بالزواج في سنة 2025، واستمرت العلاقة سنتين، ثم خطبها رجل آخر وهي لا تريده، وتريدني، فأجبرها أهلها على الموافقة وتمت الخطبة.
منذ ذلك اليوم عدت للصلاة، وألهمني الله الدعاء، أبدأ بالدعاء وأقول: "اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة؛ أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك؛ إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم" وأصلي على النبي 3 مرات، وأقول: أستغفر الله وأتوب إليه 3 مرات، ولا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين 3 مرات، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 3 مرات، وبعدها أقول: يا حي يا قيوم، وأبدأ بالدعاء بأن يكتبها الله من نصيبي.
فهل دعائي جائز أم محرم؟ وإن كان محرما، ما هو الدعاء الصحيح؟ قرأت قصة حقيقية مشابهة لقصتي، وقضى فترة يدعو الله أن يجعلها من نصيبه، وهي كانت مخطوبة، وفعلا فسخت وخطبها هو.
أرجوكم ساعدوني، وأخبروني بأفضل الأمور التي يحبها الله، ليستجيب دعائي!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخانا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، ويرضيك به، وأن يرزقك الزوجة التي تسكن إليها نفسك، وتصلح بها دنياك وآخرتك.
ثانيا: ما ذكرته من الكلمات التي تقال في التوسل في دعائك كلمات مشروعة، ليس فيها مخالفة شرعية، فهي كلها ثناء على الله تعالى، أو استغفار، أو صلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكل ذلك مشروع في الدعاء، فقد قال الله سبحانه وتعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} [الأعراف: 180]، ووردت النصوص الكثيرة من القرآن والسنة التي تفيد استحباب التوسل بأسماء الله تعالى وصفاته، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- والاستغفار؛ للوصول إلى الحالة المثلى من الدعاء والطلب من الله تعالى.
أما بخصوص هذا الدعاء الذي تدعو به؛ فإننا نرى أن الخير كل الخير لك، والمصلحة كل المصلحة، أن تفوض أمورك إلى الله تعالى، وأن تسأله أن يقدر لك الخير، وأن يقنعك بما يقدره لك، فقد كان من جملة أدعية النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وأسألك الرضا بعد القضاء" واعلم أن الله -سبحانه وتعالى- قد يقدر عليك قدرا تكرهه، ولكنه يعلم -سبحانه وتعالى- أن هذا هو الخير لك، وإن كان مكروها في نفسك، كما قال الله في كتابه: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} [البقرة: 216].
فالله أرحم بك من نفسك، وأعلم بمصلحتك، وربما حرصت على هذه الفتاة للتزوج بها، والله تعالى يعلم في مستقبل الأيام أن لها مفاسد وأضرارا ستلحق بكما لو تزوجتما، فربما يصرف الله تعالى عنكما هذا الزواج، لما يعلمه -سبحانه وتعالى-، من المصالح الخفية، فبلطفه تعالى يوصل إليكم هذا الخير، ويصرف عنكم ذلك الشر.
فينبغي للإنسان المؤمن أن يكون راضيا بقضاء الله تعالى وقدره، وأن يعلم أن تدبير الله تعالى كله حكمة وعلم ورحمة، فنصيحتنا لك أن تصرف قلبك، وأن تجاهد نفسك لصرف القلب عن التعلق بهذه الفتاة، وإذا تحررت من هذا التعلق استرحت كثيرا، واتسعت أمامك الخيارات بعد ذلك، لتختار المرأة التي تراها مناسبة لك، في الوقت المناسب، وبالكيفية المناسبة، وأرحت نفسك وضميرك من العناء والعذاب، من جراء وأسباب ربط القلب بهذه الفتاة والتعلق بها، مع أنه ربما تكون خيرة الله تعالى وقدره ألا تتزوج بها، فتعيش معذبا نفسك بهذا التعلق الذي لا يجدي ولا يوصل إلى شيء.
أما ما سألت عنه بشأن التوصل إلى استجابة الدعاء بالتقرب إلى الله تعالى بما يحبه؛ فهذا فعل صحيح؛ فالله تعالى يحب أولا أن تؤدي فرائضه، فتؤدي ما أمرك به، وتجتنب ما نهاك عنه، ويحب ثانيا أن تتقرب إليه بأنواع النوافل، من الصلوات، والأذكار، والأدعية، والصدقات، وغير ذلك من نوافل الأعمال.
فهذه هي الطريق إلى محبة الله تعالى، ولكن اعلم يقينا أنه ليس من عنوان المحبة، أن يستجيب الله لك هذا الدعاء الخاص بتحقيق هذه المسألة بعينها؛ فالدعاء لا يرد، ولكن الله تعالى يقدر به ما هو أصلح للعبد، إما أن يعطيه ما سأل، وإما أن يصرف عنه من الشر بمثله، وإما أن يدخر له إلى يوم القيامة.
نسأل الله أن يوفقك لكل خير.