السؤال
السلام عليكم.
منذ سنة تمت خطبتي على شاب، أحيانا نكون على وفاق، وأحيانا أخرى لا نكون كذلك؛ فهو في معظم الأحيان يلقي بالمسؤولية على أهله، وأخشى أنه لا يشعر بالمسؤولية؛ لذلك فأنا أحيانا أغضب، فيتضايق مني، ونجلس بالأيام لا نكلم بعضنا.
هو محترم جدا، وأهله أناس طيبون، ويحبونني، عندما نتقابل يكون الوضع أهدأ، ولكن كثرة المشاكل تقلقني، فهل يستدعي ذلك فسخ الخطبة أم لا؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رضوى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.
من أهم مقاصد الخطبة في الإسلام هي التعارف، وفهم شخصية كل طرف، وفق الضوابط الشرعية التي حددها الشرع، دون تجاوز للحدود، أو الدخول في علاقات عاطفية محرمة، فالخطبة مجرد وعد بالزواج، والرجل والمرأة خلال هذه الفترة ليس بينهما أي التزام تجاه الطرف الآخر، ويجوز لأي طرف إنهاء هذا الوعد إذا تبين له عدم الرغبة، دون أن يتحمل أي التزامات تجاه الطرف الآخر.
وعلى هذا -أختي الفاضلة- فالتعرف إلى شخصية هذا الشاب وأخلاقه في التعامل، ومدى قدرته على تحمل مسؤولية بناء الأسرة، والتعرف على تدينه والتزامه الديني، كل هذا مهم خلال هذه الفترة، وقبل الدخول في مشروع الزواج، وهذا من أهم مقاصد الخطبة والاستقرار الأسري بعد ذلك.
وينبغي أن تعلمي -أختي الفاضلة- أن هناك جوانب أساسية لتحقيق التوافق بين الزوجين، وهناك جوانب ثانوية يمكن التعايش معها أو تهذيبها بعد الزواج:
- فمن الجوانب الأساسية: تحقيق الاستقرار والسكن، والمودة، والرحمة، وهو ما أخبر عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) رواه الترمذي، فالدين وحسن الخلق من أهم معايير قبول الزوج والزوجة؛ فصاحب الدين والخلق الحسن حتى وإن ضعفت بعض الجوانب الأخرى في شخصيته، فإنه يخاف الله تعالى، ويراعي حدوده في زوجته، وتعامله معها، فإن أمسكها أمسكها بمعروف، وإن طلقها طلقها بإحسان.
أختي الفاضلة: الغضب، والانفعال، وحدوث الخصام، وعدم التحاور والنقاش من أهم أسباب عدم الاستقرار الأسري، ومن رحمة الله أن جعل الخطبة فترة لمعرفة هذه الصفات عند أي طرف، ومن ثم اتخاذ القرار، مما يسهم في الاستقرار، والتفاهم، وتحقيق مقصد المودة، والحرمة، والسكن.
لذلك ننصحك -أختي الفاضلة- بأمرين:
أولا: خذي وقتك في التعرف إلى شخصيته، وعلاقاته، وتعامله، وحسن إدارته لأموره الشخصية وغيرها، دون الدخول في تعارف عاطفي، أو أحاديث غرامية محرمة أثناء الخطبة؛ حتى لا يؤثر ذلك في قرار الاختيار، وحتى لا يقع ما لا يحمد عقباه.
ثانيا: الكمال المطلق، والشخصية المثالية التي تحلم بها أي فتاة، أو تزينها وسائل الإعلام، أمر في غاية الصعوبة إن لم يكن مستحيلا، ولكن نقول لك: أن النقص لا ينبغي أن يكون في أشياء أساسية لاستقرار الأسرة، فالغضب والانفعال إذا كان نادرا، وله أسبابه، ويمكن التفاهم والتحكم به، والعودة للوضع الطبيعي، فهذا أمر هين يمكن الحوار حوله، وتعديل الطباع بحسن التعامل.
أخيرا -أختي الفاضلة-:
أنت من يستطيع أن يقدر طبيعة وأخلاق هذا الشخص دون غيرك، ووحدك من يفهم مقدار التوافق والانسجام بينكما، لذلك احرصي على معرفة كل هذه الصفات بنفسك؛ لأنها أساس في استقرارك الأسري، وسعادتك الزوجية بعد ذلك.
وننصحك أن تجتهدي بالدعاء والتضرع لله، والإكثار من العمل الصالح والصدقة، والإكثار كذلك من دعاء الاستخارة، وعدم الاستعجال لأي سبب؛ لأن مشروع الزواج يبقى العمر كله، وله دور كبير في سعادة واستقرار الإنسان بقية حياته.
وفقك الله وأعانك على الخير.