السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإخوة الأفاضل، حفظكم الله وجزاكم عنا كل خير.
أنا امرأة متزوجة منذ 18 سنة، تزوجت في سن صغيرة، ومن منة الله وحده لم أعرف أي رجل غير زوجي، وزوجي رجل طيب وكريم ودخله متواضع، ويحافظ -ولله الحمد- على صلاته، ولم يترك أي فرض منذ عرفته، أريده أن يكون مستقيما بشكل أكبر، وأسعى لذلك، على الرغم من بطء استجابته إلا أنه يتأثر ويخطو نحو ذلك بخطوات مثقلة.
أما عن مشكلتي:
فأنا مثل جميع النساء أحب كلمات الحب، وهي بالنسبة لي احتياج، وأخبرت زوجي بذلك، وأقول له في بعض الأحيان بين الدعابات التي أسمعه إياها، وأحيانا في ساعات حاجته لي أخبره بأن حاجتي للكلمات أشد من ما هو عليه الآن، يستخف ولا يستجيب.
كان الأمر عندي في ميزان، وأعلم أن كف إيجابياته يرجح على سلبياته، وتقصيره معي فقط من ناحية الكلام والاهتمام، حتى توفيت أمي -رحمها الله-، فبات الجفاف العاطفي يأكلني، وكبر ذلك في قلبي.
منذ 6 شهور استسلمت للصمت ولم أطلب منه الاهتمام، ولم أقل له: أسمعني كلمات طيبة ولو كنت كاذبا؛ فديننا أحل الكذب على الزوجة، واهدني ولو عشبة قطفتها من مكان عام، لا أريد هدايا بقيمة مادية، فأنا أعلم لو أنك تستطيع لجلبت لي العالم.
مللت وتعبت من عدم استجابته، وهو بطبعه قليل الكلام، أقيم نفسي دائما وأطلب منه إخباري بسلبياتي، فيخبرني وأعمل على تقويمها، وأطلب رضاه دائما، ويخبرني بأنه راض عني لو فعلت كذا، فأفعل ما يريد فورا، فلعله يبادر بالاهتمام.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وفي زوجك، وأن يصلحكم إنه جواد كريم، وبعد:
قد أحسنت الحديث عن زوجك، وأحسنت توصيف مشكلتك، وهذا يدل على رجاحة عقلك، وإنا لنرجو لهذا العقل مع هذا التدين ألا يسلمك إلا إلى الخير.
أختنا المباركة: الزوج -والحمد لله- خلوق ومتدين، والحياة في مجملها جيدة، وهو راض عنك كما ذكرت، وهذا يعني أنك من الناحية الأسرية في درجة الامتياز والتي تبدأ من ال 90 %، لكن ال 10 % المتبقة هي ما تسبب الصداع الدائم في الحياة الزوجة لعدة أسباب متى ما تفهمناها هانت أو تيسر التعامل معها، وهذه الأسباب هي:
1- العين ترى غير المقدور عليه على غير ما هو عليه، فالزوجة التي أكرمها الله بزوج فيه كل الصفات الطيبة إليه إلا أنه بخيل أو حريص تصبح مشكلتها العظمى والمفتقدة: الكرم، وقد تقول أنا أتنازل عن كل حقوقي في مقابل أن يكون كريما، والمرأة التي تتزوج رجلا صالحا طيبا إلا أنه لا يزور أهلها تصبح مشكلتها الضخمة زيارة الأهل من قبل الزوج، وتستطيع أن تتنازل عن أشياء كثيرة في مقابل هذا المفقود، وهكذا طبيبعة النفس البشرية، أنها تعظم المفقود وتسطح الموجود.
2- الشيطان المتربص بالبيت والدائم الوسوسة لا بد أن يستغل هذه الثغرة لينميها في النفس، فهي بذرة وسيجتهد في ريها كل يوم، وسيستغل أي موقف ليضخم تلك المشكلة.
3- إلف العادة سيجعل من حسنات الزوج أمورا اعتيادية، مع أن بعض ما تتمتعين به هو أقصى آمال كثير من الأخوات، فالبعض يتواصلن معنا لا يشتكين من سوء معاملة الزوج، ولا من إهمالهم، ولا من تقصيرهم في حقهن مما هو ملاحظ في الرسالة، ولكن أقصى أمانيهم أن يروا أزواجهم يصلون في البيت أمام الأولاد، لا أقول المسجد، ولا أقول كل فرض، بل مجرد صلاة في البيت أمام الأولاد؛ حتى يتعلم الصغار الصلاة، لكن من وسائل الشيطان أن يعظم المفقود وأن يهون الفضائل الموجودة، ونحن لا نتهمك بذلك بل نخبرك بما يفعله الشيطان.
4- غياب الحديث عن المحبة لا يعنى انتفاء الحب، والتفريق بين الأمرين هام جدا، فزوجك أنت عنده الدنيا وما فيها لكنه لا يحسن التعبير أو لم يعتد على ذلك، فالمشكلة لا بد أن توضع في حجمها الطبيعي، الزوج لا يحسن أن يعبر وليس لأن المحبة عنده غائبة.
5- لا يخفاك أن الدنيا كدر، ولابد أن يبتلى المرء فيها، وقد حمدت الله عز وجل على أن جعل الابتلاء في هذا الأمر الذي يمكن التعايش معه، وهذا مما يمدح فيك، نسأل الله أن يبارك فيك وأن يحفظك.
هذه الخماسية يجب أن تكون حاضرة في ذهنك قبل أن ننصحك ببعض النصائح التي قد يكون لها النفع -إن شاء الله-:
أولا: نريدك أن تبدئي بالاهتمام أكثر بالزوج، اجعليه يستشعر نعمة الاهتمام أكثر فإن هذه رسائل خفية بأهميته.
ثانيا: امدحي كل تقدم ولو بسيط منه، فإذا نادى عليك باسمك مثلا أو مدحك ولو عرضا أو أثنى على شيء فيك، المهم أن تستغلي أي تقدم حاصل ولو بسيط، وأن تضخميه في نفسك، وأن تبلغيه إياه بالتصريح والتمليح.
ثالثا: القناعات العاطفية وليدة قناعات فكرية؛ لذا نرجو منك العمل على تغيير هذا النمط من التفكير عنده، ويمكنك الاستعانة بشيخ الجامع الذي يصلي فيه للحديث عن هذا الأمر تحديدا، أو الاستماع لمحاضرة تتحدث في هذه المعاني تحديدا، المهم أن يكون ذلك بطريقة غير مباشرة.
رابعا: الاجتهاد في تهوين هذا المفقود في نفسك وتضخيم بقية صفاته الجيدة حتى ينعدل عندك الميزان العاطفي.
افعلي هذا كله مع الدعاء لله عز وجل أن يطيب لسانه ويفك عقده وما ذلك على الله بعزيز.
نسأل الله أن يبارك فيك وفيه، وأن يصرف عنكم الشيطان وشر كل ذي شر، إنه جواد كريم، والله الموفق.