السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة، عمري 20 عاما، ولدي مشكلة في التفكير المستمر بخصوص الزواج، أما في الأمور العامة، فلا أفكر كثيرا بهذا الشكل.
أحببت شابا ولم أخبر أحدا بهذا الموضوع، وليس لدي نية إخبار أي شخص، وأنا فتاة محافظة، ولم ألجأ لطريق الحرام أو العلاقات المحرمة قط، وأسأل الله أن يحفظنا جميعا.
أدعو الله دائما أن يجعلنا خيرا لبعضنا، ويجمعنا بالحلال؛ لأن رغبتي شديدة بالزواج منه، وأريد أن أغتني بالحلال؛ ولأني أحبه، ولكن في نفس الوقت أدعو الله أن يرضيني بقضائه وقدره، وأقول: ربي أطلب منك ما أتمناه، وسلمت أمري إليك.
أعلم أن ما عند الله هو الخير للجميع، لكن الإنسان يضعف أحيانا، وأنا أخاف أن لا يكون من نصيبي من أحب، والله إنه حب طاهر، وأيضا أخاف أن أكون أوهمت نفسي، أو أن أمنيتي تحولت لأوهام، وأعيش بتلك الأوهام، وأنصدم بالحقيقة، مع علمي أن الله قادر على تحقيق كل شيء، ماذا أفعل؟ وكيف أتجاوز هذه المخاوف؟ أفيدوني أفادكم الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ... حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح، وأن يسعدك في الدنيا والآخرة، وأن يتقبل منك كل عمل صالح تقومين به.
أختنا الكريمة: إننا نحمد الله تعالى صلاحك ومحافظتك على تدينك، وعدم الانجرار خلف أماني الشيطان ووساوسه، وودنا لو ظل الأمر هكذا حتى يأذن الله بالفرج، لكنا نحمد الله أن المسألة لا زالت في إطار التفكير، والمرء -أختنا- أحد اثنين:
- إما أن يتعلم دون أن تزل قدمه وذلك بسؤال أهل الاختصاص، ثم العمل بنصيحتهم.
- وإما أن تعلمه التجربة، والألم في الأخيرة شديد، والعاقبة فيه وخيمة، والإصلاح بعد ذلك عسير.
ودعينا -أختنا الفاضلة- قبل أن نجيبك أن نتحدث عن أصلين هامين، هما أصل كل فلاح، ورأس كل طمأنينة، فانتبهي لهما بارك الله فيك:
أولا: من الأمور القطعية أن قضاء الله نافذ، وأن الله قدر المقادير من قبل أن يخلق السماوات والأرض، فقد قال صلى الله عليه وسلم:" قدر الله المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسمائة سنة "، وعليه فمن قدره الله لك زوجا سيكون، فطيبي نفسا وقري عينا، واعلمي أن قدر الله لا محالة نافذ.
ثانيا: الذي يعلم ما يصلحنا وما لا يصلحنا هو خالقنا وحده سبحانه، وقد تعلمنا أن العبد قد يتمنى الشر وهو لا يدري، وقد يرفض الخير ويكرهه دون أن يشعر، وقد قال الله تعالى: "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون"، وهذا يعني: أن الإنسان قد يقع له شيء من الأقدار المؤلمة، والمصائب الموجعة، التي تكرهها نفسه، فربما جزع، أو أصابه الحزن، وظن أن ذلك المقدور هو الضربة القاضية، والفاجعة المهلكة لآماله وحياته، فإذا بذلك المقدور منحة في ثوب محنة، وعطية في رداء بلية، وفوائد ظنها مصائب فكانت منافع، فكم أتى نفع من حيث لا نحتسب! والعكس صحيح: فكم من إنسان سعى في شيء ظاهره خير، واستمات في سبيل الحصول عليه، وبذل الغالي والنفيس من أجل الوصول إليه، فإذا بالأمر يأتي على خلاف ما يريد، ويأتيه الشر من حيث أراد النجاة!
من هاتين القاعدتين نقول: إن الفتاة الصالحة المسلمة هي التي تغلق قفل قلبها، ولا تسمح لأحد بالمرور عليه حتى يطرق الباب الشرعي لذلك، ونقول لك ومن واقع تجربة: ما ضل من ضل، ولا سقط من سقط، ولا ضاع من ضاع إلا حين اعتمد السير خلف سرب الأماني التي أغوته فاتبع هواه فضل، ثم ندم حيث لا ينفع الندم.
أختنا الكريمة: لقد رأيت من ظاهر الشاب ما أعجبك، ودعوت الله أن يكتبه لك، ولكنا لا نعلم هل ظاهر الشاب كباطنه أم لا؟ وإن كان صالحا في نفسه هل سيكون حسن السيرة في زواجه أم لا؟ وهل هو قادر من حيث المادة على تكاليف الزواج أم لا؟ كلها أسئلة لا ينبغي لك أن تنشغلي بها، بل الواجب عليك أن تسلمي لله الأمر، وأن تكثري من الدعاء أن يرزقك الله الزوج الصالح الذي يسعدك في الدنيا والآخرة، هذا هو الواجب دون غيره.
والحمد لله أنك مسلمة لله فيما أمر، وراضية بقدره متى ما حل، ونحن بالطبع نتفهم حاجتك وحاجة كل فتاة في مثل عمرك إلى زوج يحصنها، لكن هذا لا يدفعك إلى التقدم السلبي، فلا يصلح لمثلك وأنت الفتاة الصالحة الطاهرة أن تفعل ما تفعله غيرها من الفتيات اللاتي ضل سعيهن في الحياة الدنيا، نسأل الله أن يهدي بناتنا أجمعين.
أكثري من الدعاء أن يرزقك الله الزوج الصالح، دون تحديد أحد، وقولي: رضيت يا ربي بما رضيته لي أنت، فما يدريك لعل الله ادخر لك من الخير ما لم يكن في حسابك. فإذا تقدم إليك الخاطب، سواء كان هذا أو غيره، فمعيار القبول عندك ( الدين والخلق)، بهذا تسعدين -إن شاء الله-.
نسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك، والله الموفق.