السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب في مقتبل العمر، اكتشفت مؤخرا أني مصاب باضطراب عصبي وراثي، وهو فرط الحركة ونقص الانتباه، وهذا مرض عصبي وراثي يكون عادة عند أحد الأبوين، لكن الناس لا تشخصه لأن أعراضه غير مرئية، وبسبب تنوع الأعراض وسوء الفهم العام فيه.
بدأ تشخيصه مؤخرا، وأصبح الناس يعرفونه، لأنه منذ سنوات لم يكن معروفا بهذا القدر، ولم تكن عليه أبحاث كثيرة، وأعراضه في عدم القدرة على التركيز على التفاصيل، وكثرة النسيان، وصعوبة في تنظيم المهام والأنشطة، والشعور دائما بحاجة إلى التحرك والقيام بشيء، والتشتت الدائم، ولقد أثر هذا على حياتي من كل ناحية.
الحمد لله، أهلي كانوا يظنون أني طائش، مع أن عائلتي كلها نشأت على التمسك بكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وكنت دائما أجد نفسي أسرف في الذنوب وأرجع أتوب لله، لكني سرعان ما أنقطع عن ذلك، وأبقى بين حالتين.
أنا خائف أن أبقى مقصرا، لأني كلما حاولت فشلت، والأمر بالنسبة لي صعب جدا، كأي شيء في حياتي، -بارك الله فيكم-، أرجو أن تنصحوني يا أهل الاختصاص بما قد ينفعني، فلقد حاولت أن أقدم لكم قدر المستطاع من المعلومات، وأتمنى أن أجد من يفيدني.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مجهول حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
بالنسبة لمتلازمة فرط الحركة ونقص الانتباه، هي متلازمة معروفة، والذي حدث هو أن تشخيص الحالة حدث فيه الكثير من التطورات ومن التقدم، وأصبح الأطباء والعلماء والمختصين أكثر إدراكا ومعرفة للتفاصيل بهذه الحالات، من حيث المسببات، وطرق العلاج، وكيفية الوقاية منها.
وفي الآونة الأخيرة أصبح أيضا هنالك ما يعرف بفرط الحركة ونقص الانتباه لدى الكبار، لأنه فيما مضى كان يعتقد أن هذه العلة تصيب الأطفال فقط واليافعين، لكن الآن هنالك حالات كثيرة من نقص الانتباه على وجه الخصوص وسط الكبار، الإشكالية تأتي أيضا في أن هذه الحالات تستجيب للعلاج بمكونات دوائية معينة، تعرف بمجموعات الأنفيتامينات، فهي فعالة جدا وممتازة جدا، لكن يسهل التعود عليها، وهذا أدخل الكثير من الباحثين في إشكالية أن التشخيص يجب أن لا يتعجل فيه الأطباء، ويجب أن يكون هنالك تأني وتقصي وتدقيق شديد قبل أن يعطى عقار له خاصية تعودية في بعض الأحيان، هذا قد يضر بالإنسان أيضا، أو هنالك بعض الذين يدعون أنهم يعانون من هذه المتلازمة حتى يصلوا إلى تناول الأدوية التي ذكرنا أنها تنتمي لمجموعة الانفيتامينات.
الذي أود أيضا أن أوضحه -أيها الفاضل الكريم- أننا لا نستطيع أن نقول هذا المرض مرضا وراثيا مئة في المئة، لا، هنالك بعض الميول الإرثي؛ أي أن هنالك استعدادا وراثيا، بمعنى أن إذا كان هنالك مثلا أحد الأبوين أو كلاهما مصاب بهذه العلة، فبعض أطفالهم قد يكون لديهم شيء من الاستعداد للإصابة بهذه المتلازمة.
وهذا فرق كبير جدا بين تأثير الوراثة المباشرة، والاستعداد الوراثي، الاستعداد الوراثي نعتبره عاملا مهيئا، وحين تأتي العوامل الحياتية الأخرى أي العوامل المرسبة، والعوامل التي يمكن أن تكون مسببة في هذه الحالة تظهر الحالات.
أيها الفاضل الكريم بالنسبة لك -إن شاء الله تعالى- لا يوجد أي إشكال، فقط المطلوب منك هو أن تذهب إلى طبيب مختص نفسي -وليس طبيب أعصاب- طبيب نفسي مختص وذي خبرة في تشخيص وعلاج فرط الحركة ونقص الانتباه.
حين يتم التشخيص من خلال الفحص الإكلينيكي المباشر، وأيضا هنالك اختبارات معينة يقوم بها الطبيب، وبعد ذلك وحسب قناعة الطبيب التشخيصية يتم التشخيص وتوضع الخطط العلاجية، وهي دوائية في المقام الأول، ونسبة الاستجابة عالية جدا جدا.
بالنسبة لفرط الحركة عند الأطفال واليافعين، بالفعل قد يجعل الأبوين أو المعلمين يعتقدون أن الطفل أو اليافع إنما هو طائش وأنه غير منضبط، وأنه لا يلتزم بالتوجيهات التربوية، وشيئا من هذا القبيل، وكثير من هؤلاء الأطفال الذين يعانون من هذه العلة تجدهم بالفعل لديهم مشاكل كثيرة في التركيز والتحصيل الدراسي، وربما يدخلون في المشاجرات، والانفعال العصبي الشديد، لكن الآن أصبح التشخيص متاحا وسهلا جدا، وله ضوابط.
أرجو أن تطمئن، وأشكرك كثيرا -أيها الفاضل الكريم- على سؤالك هذا، وبالفعل هو سؤال مهم جدا، نصيحتي لك أن تكرر الذهاب للطب وتقابل أحد المختصين، وأرجو أن نشير إلى أن التشخيص في أمريكا متاح جدا لهذه الحالات، وهنالك اهتمام كبير بها، على العكس تماما المدرسة البريطانية ترى أن هناك إسرافا في تشخيص حالات فرط الحركة، ونقص الانتباه في أمريكا، وهذا شجع على انتشار تناول الأدوية التي تنتمي لفصيلة الانفيتامينات. قد لا يكون هذا الكلام دقيقا، والضوابط التشخيصية معروفة ويجب الالتزام بها.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.