السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل صحيح أن عمل المرأة هو المعيار الذي يشعرها بالإنجاز؟ ولو فكرت المرأة بترك عملها بعد الزواج هل تصبح إنسانة غير طموحة؟ صديقاتي يشعرنني بذلك دائما، ويقلن: يجب على المرأة العمل، فلو طلقت يمكنها الاعتماد على نفسها، وأنا لا أؤيد هذه الفكرة؛ لأني أرغب في الاهتمام ببيتي وأطفالي، وأن أعطيهم وقتي كاملا، فهل بذلك أكون امرأة غير طموحة أو اتكالية؟ علما أني لا أعرف ما هو هدفي، وأضيع وقتي في التفاهات.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، وشكرا لك على هذا السؤال الرائع، وأحمد الله الذي أعانك على أن تكوني على الفطرة السليمة، وعلى التصور الصحيح، واعلمي أن إنجاز المرأة الحقيقي في قيامها بواجباتها الأسرية، وفي طاعتها في مستقبل حياتها لزوجها، وقبل ذلك في عملها بما يرضي ربها تبارك وتعالى.
وعليك أن تعلمي أن المرأة تخدم دينها مرتين، بعبادتها وإنابتها لربها، وعملها من أجل نصر دينه ونشره، وبالرجال والنساء الصالحين والصالحات الذين تخرجهم وتربيهم، هذه رسالة المرأة الكبرى التي ما ضاعت الدنيا إلا لما زهدت المرأة فيها، وأصبحت تزاحم الرجل في ميادين الحياة والعمل، وهذا عاد عليها بالأمراض في الدنيا، والآلام والخسارة لبيتها ولحياتها.
والدراسات تثبت حتى في بلاد الغرب أن الموظفات والعاملات في الحياة العامة لسن سعيدات، بل لا تخلو حقائبهن من المهدئات، والأشياء التي تعينهن على مواجهة صعوبة الحياة، فمكان المرأة الأصلي هو بيتها وخدمة زوجها وخدمة أبنائها، هي هذا المصنع الذي يخرج للأمم أفضل ما تملك من الرجال الصالحين المستقرين نفسيا، القادرين على بناء أوطانهم، والنساء الصالحات القادرات على مواصلة أدوار الأمومة الناجحة، التي هي أساس النجاح لكل مجتمع على وجه الأرض.
هذه الحقيقة بدأت تدركها حتى الدول الغربية التي بالغت في إخراج المرأة وإشراكها في شتى ميادين العمل، الآن توجد دول تكافئ من تعود إلى أمومتها وإلى بيتها، وربما سمعت الدنيا صياح بعض الناجحات بمقاييس الدنيا في وظائف وهي تقول: خذوا شهاداتي كلها وأسمعوني كلمة ماما، فما أحوجنا إلى أن نكون على الفطرة السليمة.
الإنجاز الحقيقي للمرأة هو أن تخرج الأبطال، وتخرج العاملين من أجل بناء الأوطان، وأن تقوم بهذه الرسالة وبهذا الدور الكبير، ولا يعني هذا أن الإسلام يمنع عمل المرأة، ولكن العمل الذي يريده للمرأة هو العمل الذي تحتاج له الأمة، العمل الذي لا يؤثر على أمومتها، ولا على خدمة زوجها وقيامها بواجباتها، ولا على المهام التي خلقها الله لأجلها، وبالتالي المرأة في تاريخها الطويل كانت مع الرجل في المزرعة، وفي الرعي وفي كل شيء، لكن كل ذلك لن يؤثر على رسالتها الأصلية (تربية أبنائها وقيامها بواجباتها داخل بيتها)، هذا هو الإنجاز الذي نبحث عنه، بل الدنيا أصبحت تبحث عن هذه الأدوار الحقيقية للمرأة، والتي يكون بعدها الخير الكبير للمجتمعات وللأمم.
فالاهتمام كما قلت بالأطفال وإعطاء الوقت لهم، والتفرغ لخدمة الزوج وإسعاده، وإكمال أدواره، وحسن التربية للأبناء والبنات، هذا هو الهدف الكبير، وهذه هي الرسالة التي لأجلها نالت المرأة كل تكريم عند ربها، فهي صاحبة الحقوق المضاعفة (أمك ثم أمك ثم أمك) ثلاث مرات، هذا كله لعظمة الأدوار التي تقوم بها، وإذا كان القرآن قد قال لنساء النبي وللمؤمنات: (وقرن في بيوتكن) فإن الله حدد المهمة وقال: (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة).
فالمرأة التي في بيتها تطيع ربها، وتؤدي ما عليها، وتحسن تربية أولادها، وتقوم بإكرام زوجها، هي المرأة الناجحة وهي السعيدة بمقاييس الدنيا أيضا، بعد أن بالغت المرأة في مزاحمة الرجل، ها هي تفكر في العودة، ها هي تعاني من آلام الحياة وصعوبتها، لأن الحياة صعبة، ولذلك كان هذا الدور الخارجي الأصل فيه أن يكون للرجل وهو المكلف بالقوامة والإنفاق.
نسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكن التوفيق والسداد.