السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا فتاة لدي موهبة الكتابة منذ الصغر، جربت كتابة الشعر والقصص القصيرة والروايات، وتميزت في كتابة قصص الرعب والخيال العلمي، وأصبح لدي جمهور يحب كتاباتي ويلقبونني بأجاثا كريستي، والمعضلة لا تكمن هنا -فالحمد لله- من الله علي بالالتزام، ومن وقتها وأنا مترددة جدا فيما يخص كتاباتي.
ما أقصده أني موهوبة جدا وأفكر في استعمال قلمي لكتابة الكتب والروايات الدينية، ولذلك سألت العديد من أهل العلم، والبعض نصحني بالاستمرار في روايات الرعب أو الخيال، مع إضفاء نكهة دينية عليها، والبعض نصحني وقال: كل حرف أكتبه سأحاسب عليه يوم القيامة، لذلك يجب تحري الأمر.
حائرة جدا لأني كتبت رواية بحبكة عبقرية، وكنت أنوي نشرها وأنا متميزة في هذا النوع من الأدب، ولكن سبحان الله كلما نويت نشرها تحدث عقبات، فأسأل نفسي هل هذه إشارة؟
الآن أسأل نفسي هل أضحي بحلمي من أجل الله ولا أنشر تلك الروايات، ولا أكتب الروايات مرة أخرى، وأوجه موهبتي للكتب الدينية، أم أن هناك إمكانية أن أحدث تعديلات على هذه الروايات فتشمل بعض المواضع الدينية؟ وبذلك أحقق حلمي في نشر الروايات وأرضي ربي، فأنا أعرف العديد من المؤلفات الملتزمات: كحنان لاشين، ومنى سلامة، وغيرهن، وجميعهن متميزات في أدب الخيال، وأمني نفسي بأنه ربما يتقرب أحد متابعي الرواية من الله بسبب المواضع الدينية التي تشملها.
أم أنني أسخر من نفسي وذلك فخ من الشيطان؟
أفيدوني أفادكم الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نقدر حيرتك وترددك، فأنت تملكين موهبة عظيمة وتسعين جاهدة لإرضاء الله وتحقيق أحلامك، لا شك أن هذا موقف صعب، لكن لا تقلقي، فسأساعدك بقدر استطاعتي على اتخاذ القرار المناسب.
أولا: إن كتابة الروايات والكتب الدينية عمل جليل له ثواب عظيم عند الله، خاصة إذا كان يساهم في نشر الوعي الديني وتقوية الإيمان في قلوب الناس، فاستمري في كتابة ما يلهمك من أفكار دينية، وشاركيها مع العالم دون تردد، فهذا باب من أبواب الدعوة والتأثير، ولا بد من التذكير بأن الكتابة كوسيلة تعبير وإبداع، يمكن أن تكون مجالا للخير والإلهام والتأثير الإيجابي في الناس، كما أن الفن والأدب ليسا ببعيدين عن الدين، فقد استخدم العديد من الكتاب الموهوبين فنونهم لتسليط الضوء على مبادئ دينية وأخلاقية.
ثانيا: لا بأس في كتابة روايات الرعب والخيال العلمي، طالما أنها لا تخالف تعاليم الإسلام، ولا تروج للعنف أو الفاحشة أو الأفكار السلبية، بل يمكنك الاستفادة من موهبتك في هذا المجال، لكتابة روايات تقدم رسائل إيجابية وتحفز القارئ على التفكير والتأمل.
ثالثا: فيما يخص روايتك التي كتبتها، أنصحك بمراجعة محتواها بعناية، والتأكد من أنها لا تخالف تعاليم الإسلام، إن شعرت أن هناك بعض المواضع التي تحتاج إلى تعديل، فلا تترددي في ذلك.
رابعا: لا تلغي حلمك بنشر رواياتك، بل حاولي إيجاد طريقة لدمج رسائل إيجابية وقيم دينية في حبكتها، تأكدي أن هناك قراء متعطشون لروايات تقدم محتوى هادف وممتع في نفس الوقت.
خامسا: تذكري أن الله تعالى يحب من عباده أن يجاهدوا في سبيل تحقيق أحلامهم، طالما أنها ترضيه وتفيد الناس، فلا تدعي الشيطان يثبط عزيمتك ويحبط حلمك.
سادسا: استشيري أهل العلم والتقوى، وناقشي مخاوفك معهم، اطلبي منهم النصيحة والدعاء لكي يرشدك الله إلى الطريق الصحيح.
ختاما: تذكري أنك لست وحدك في هذا الموقف، فهناك العديد من الكاتبات الملتزمات، اللواتي حققن نجاحا باهرا في مختلف مجالات الكتابة.
وتذكري أن العقبات التي تواجهينها، قد تكون اختبارا أو تذكيرا للتأمل في نواياك وأهدافك، ولا بد من التفكير فيما إذا كانت هذه العقبات هي دلائل على أنك بحاجة إلى إعادة التقييم والتعديل، وليس بالضرورة التخلي التام عن شغفك بالكتابة.
ولا تنسي أن أعظم ما يمكنك تقديمه للإسلام هو نشر الخير والفضيلة بين الناس، سواء من خلال كتاباتك أو بأي وسيلة أخرى، واحرصي على العمل بمضمون هذه الآية الكريمة: (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) [سورة آل عمران، الآية 8].
ندعو الله لك بالتوفيق والسداد، وأن يسدد خطاك ويلهمك الخير.