السؤال
السلام عليكم.
أمي امرأة عجوز، ومريضة بالقلب، المشكلة أنها ترفض الانتقال مع أي أحد من أبنائها وبناتها للسكن معه، وتريد البقاء في بيتها الذي عاشت فيه مع أبي -رحمه الله-، وهذا يجعل الجميع منشغلا عليها، ويتتبع حالتها؛ فأمي تحب الاستقلال عن الآخرين، والاعتماد على نفسها، وأشعر وكأنها تحب المكوث وحدها، وهي امرأة صوامة، قوامة، كريمة، تنفق على الآخرين بما تقدر عليه.
وهذا العام رفضت أن تفطر برمضان إلا بصعوبة شديدة، حتى أتينا لها برأي ثلاثة أطباء مختلفين، وأخبرتها أنها تأثم إن صامت وأصابها مكروه، ولم تكن تأكل إلا القليل لشرب الدواء، وكأنها صائمة.
المشكلة أننا نتردد عليها جميعا، ونقضي الليل معها، لكن يحدث في أيام ألا يبيت عندها أحد، أو لا يأتي أحد بالنهار؛ لأن الذكور مرتبطون بوقت العمل، والإنات ربات بيوت.
ملاحظة: الجميع متزوج، وله أبناء، والحالة المادية مستورة، وأمي لا تحتاج ماديا لأحد بل إن تقاعد والدي يكفيها، وتدخر منه، وأصغرنا يبلغ من العمر 50 سنة.
ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عز الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظ والدتك، وأن يرزقك برها، إنه جواد كريم.
أخي: لقد أنعم الله عليك أن أبقى لك هذه الوالدة الصالحة إلى هذا العمر، بل والله إن هذه النعمة لا تعدلها نعمة من نعم الدنيا، يعلم هذا جيدا -أخي الكريم- كل من حرم أمه فماتت عنه، فاحمد الله كثيرا على ما منحك إياه، واعلم أن كل دقيقة، بل كل ثانية تمر عليك وهي على قيد الحياة نعمة لا تعدلها نعمة.
أخي الكريم: إننا نتفهم حديثك وقلقك، كما نتفهم إحجام الوالدة -حفظها الله- على عدم خروجها من بيتها، ولذا نوصيك -أخي- بما يلي:
أولا: تأصيل مبدأ عام يلتزم به الجميع، بأن لا تبيت الوالدة قط إلا ومعها أحد من الأبناء أو الأحفاد، وهنيئا لمن كان دوره معها، هذا يجب أن يكون قاعدة، والجميع من الذكور هم الأولى بهذا، مهما كانت الأسباب، أو الانشغالات، فإن هذا واجب عليكم، وخاصة مع كبر سنها، ومرضها، إلا إذا استطاع أحد الأبناء أن ينتقل إليها مع زوجته وأولاده، وكان المكان يسمح، والوالدة وزوجة الابن لديهم الرغبة، وإلا فلا.
ثانيا: قد ذكرت أن الحالة المادية لكم -والحمد لله- جيدة، لذا نرجو منك البحث عن خادمة، أو ممرضة؛ لتداوم عندها أغلب الوقت، وبأجر، فإن هذا أدعى إلى الأمان.
ثالثا: لا تضغطوا على الوالدة في الانتقال، فلن تفعل، وإن فعلت مكرهة فلن تستريح.
رابعا: يجب التنسيق بينك وبين إخوانك بحيث من يمر عليها يكتب أخبارها للمجموعة كلها.
خامسا: للوالدة جيران بالتأكيد، ووالدتك -والحمد لله- كريمة، وأكيد هناك من الجيران من هم أهل صلاح وتقى، فمن المهم ربط هؤلاء بالوالدة، واختيار أصلحهم وأطيبهم، ليكونوا على تواصل معها.
سادسا: استخدام كل الوسائل الحديثة من الاتصال، والكاميرات التي توضع في الممرات للتواصل الدائم معها.
وفي الختام: هذه غنيمة باردة، فالله الله في برها، وأحسنوا إليها فإن هذا من أفضل القربات التي تتقربون بها إلى الله، نسأل الله أن يحفظكم، وأن يرعاكم، والله الموفق.