السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
- كيف أصبح المسلمة، الصالحة، الطيبة، المصلحة؟ أين الطريق؟ وكيف أثبت عليه؟
- دائما ما أفكر لو فعلت كذا وكذا لكان الأمر مختلفا، أعرف حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذا الصدد، رغم أنني لا أحسن الأخذ بالأسباب، لكن السؤال: أني أضع نفسي تحت بند من لا يستحقون أن ينالوا الرحمة، وأن يكونوا صابرين؛ لأنني في الأصل أنا من سلكت ذلك الطريق الخاطئ، فتحملي مع نفسك إذا نتيجة أفعالك وقراراتك الغبية، وغير المنطقية غالبا، فهل التفكير هكذا صحيح؟
- كوني لست في إحدى الجامعات المرموقة، أو كليات القمة عامة، فهل هذا يعيبني، أو يقلل من شأني، ومن فرصي؟ فأهلي يقولون: بأن الفتاة ليس لها أن تعمل إن كانت لا تحتاج للمال، لكن عليها الحصول على شهادة عالية كالطب، والهندسة، حتى تزيد من فرص نجاحها وتكون أكثر استقرارا.
وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يحقق أمانيك في الخير، وأن يكتب لك النجاح والفلاح، إنه جواد كريم.
أختنا: دعينا نجيب على أسئلتك تباعا:
أولا: حتى تكوني صالحة مصلحة لابد من عدة أمور:
1- الإيمان بأن الصلاح مرتبط بالدين تعليما وتطبيقا، وهذا يوجب عليك أمرين:
- طلب العلم الشرعي، أو على الأقل ما يجب عليك اعتقاده وفعله، ففي أمور العقيدة يمكنك البدء بكتاب أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة، أو عقيدة أهل السنة للعثيمين، فهذا أو ذاك كتاب مختصر، يضع الأصول العامة العقدية، ثم ما يجب عليك فعله من أمور الصلاة والفرائض الأخرى، مع ضرورة الاهتمام بكتاب ما لا يسع المسلم جهله.
- إيصال الخير إلى الغير؛ فهذا من أحب الأعمال إلى الله تعالى، فقد روى الطبراني عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، أن رجلا جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (يا رسول الله: أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد -يعني مسجد المدينة- شهرا، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجته حتى يتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام).
2- مراقبة النية حتى يكون العمل خالصا لوجه الله تعالى، فإن عبادة الله لا تقوم ولا تستقيم إلا بالإخلاص له، قال تعالى: ﴿ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ﴾ [البينة: 5]. فالإخلاص لله هو حقيقة الدين، ولب العبادة، وشرط قبول العمل، فهو بمنـزلة الأساس للبنيان، وبمنـزلة الروح للجسد، فلا عبادة ولا عبودية لمن لا إخلاص له، قال الله سبحانه وتعالى مخبرا عن أعمال الكفار التي لا إخلاص فيها ولا توحيد: ﴿ وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ﴾ [الفرقان: 23]، فهذا الإحباط للعمل والإبطال للسعي نصيب كل من لم يخلص لله تعالى في قوله وعمله، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون ﴾ [هود: 15، 16]
3- الصحبة الصالحة، فإنها معين لك على الاستقامة، وحصن من الشيطان، فالذئب يأكل من الغنم القاصية.
ثانيا: الأصل أن يجتهد الإنسان في الطاعة، وأن يأخذ بالأسباب المؤدية إلى ما يصبو إليه من تحقيق أهدافه، فإذا وقع ما أراده حمد الله، وإذا وقع خلافه سلم لله أولا، ورضي بالقضاء ثانيا، وراجع مرة أخرى أساليبه ووسائله؛ فلربما أخطأ في شيء ما استحق به ما هو عليه، أو كان ما وقع له كفارة، أو رفعة للدرجات، وعوضا أن نقول لو فعلت لكان كذا وكذا، فنأخذ بالأسباب، ونقول كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له) رواه مسلم.
ثالثا: ليس شرطا أن يرتبط الغنى بكلية ما أو تخصص ما، وقد رأينا في عالمنا من لم يتخصص في تعليم لكنه أتقن عملا معينا فوسع الله عليه، ورزقه من حيث لا يحتسب، وحياته أكثر استقرارا من كثير من الأطباء أو غيرهم، لذا فلا علاقة حتمية بين التخصص والتوفيق أو الاستقرار، ودائما ما نقول لإخواننا: إذا لم يكن ما تريد فابتغ لله ما يكون، المهم أن تبتغي بما عملت وجه الله تعالى.
نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يسعدك، والله الموفق.