السؤال
السلام عليكم
أنا أحب فتاة، وهي تحبني، وأردت الزواج بها، فأخبرت أهلي عنها، كما أن والدتها تعلم بمشاعرنا تجاه بعضنا البعض، وكنت أنتظر تحسن ظروفي المادية لأتقدم لها رسميا، لكن أهلها أجبروها على الزواج من شخص لا تريده، رغم أنهم يعلمون بحبنا ورغبتنا في الزواج.
ذهبت للحديث مع الرجل الذي تقدم لها، وأخبرته بأن بيننا علاقة، وأننا نحب بعضنا البعض، كما أن الفتاة نفسها أخبرته بالحقيقة، لكنه تبين لي أنه يعاني من اضطرابات نفسية، إذ قال: "أنا أحبها وأريدها"، رغم أنها كانت تصرخ عليه وتوبخه أمام الناس، محاولة التخلص منه، لكنه ما زال مصرا ويقول لها: "سأجعلك تحبينني".
نحن الآن في حيرة، ولا نعرف ماذا نفعل! لقد تزوجته بالفعل، ولم يتبق سوى حفل الزفاف ليأخذها إلى بيته، وأنا أشعر باضطراب شديد، ولا أعلم كيف أتصرف، حتى في الدعاء، لا أعرف ماذا أقول؟! هل أدعو قائلا: "يا رب اجمعنا على الخير وخلصنا من هذا الشخص"؟ ثم أتساءل: كيف لي أن أدعو بهذا وهي متزوجة الآن؟ لم أعد قادرا على التمييز بين الصواب والخطأ، نفسيتي تحطمت، وكذلك نفسيتها.
هذا الرجل يهددها بي، ويقول لها: "إذا لم تحبيني، سأؤذي من تحبين"، وأنا مستغرب من وجود أشخاص بهذا الشكل!
أرجو أن يقدم لي أحدكم نصيحة، فأنا لا أعلم هل يجب أن أدعو أم لا؟ هل يجب أن أسعى لاستعادتها أم لا؟ أنا أحبها حبا طاهرا وعفيفا، وبيننا تواصل، لكنه قليل جدا، لا يتجاوز مرة أو مرتين في الأسبوع، وبحدود الأدب.
لقد نصحتني هي كثيرا بأن أتقرب إلى الله، لأنني كنت مقصرا، وبفضلها أصبحت ملتزما وأسعى وأعمل بجد حتى أتزوجها، لكن فجأة ظهرت هذه المشاكل.
لا أعلم إن كان هذا اختبارا من الله، وسيكون مصيرنا أن نجتمع في النهاية، أم أنه ابتلاء لي ولها! فلقد حاولت كثيرا أن تكون من نصيبي، وصرت الآن في حيرة شديدة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به، وبعد:
أولا: نحن نتفهم حديثك -يا أخي- وندرك المعاناة التي وضعت نفسك فيها بيدك، والتي حاصرت نفسك متعمدا، وندرك أبعاد هذا الطوق الذي أحكمت بيدك وضعه على عنقك، حتى كاد يخنقك، ولو استمع الشباب لحديثنا المتكرر لما وقعوا في هذه الحيرة التائهة.
أخي الكريم: العرب تقول: ثبت العرش ثم انقش، والمعنى أن من يبحث عن الزواج ينبغي أن يكون جاهزا له، لكن البعض -هداه الله- يبدأ بوضع العربة قبل الحصان، ويتوقع أن يفوز في هذا السباق المتوهم.
أخي، قبل أن نقول لك الواجب الذي عليك، لا بد أن نؤسس لقاعدتين:
1- المسلم يؤمن ويعتقد بأن الزواج رزق مكتوب، وقدر مقسوم، فقد قدر الله لك زوجتك من قبل أن يخلق الله السموات والأرض، ففي الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات، وكان عرشه على الماء) وهذا يهدئ روعك، فمن كتبها الله لك زوجة ستكون في الوقت الذي حدده الله فاطمئن.
2- يطمئنك ويهدئ روعك كذلك أن قضاء الله هو الخير لك، وما قدره الله لك من عطاء، هو خير مما أردته لنفسك، فاطمئن وتذكر: أن الله يختار لعبده الأصلح والأوفق له، وقد علمنا القرآن أن العبد قد يتمنى الشر وهو لا يدري أن فيه هلكته، وقد يعترض على الخير ولا يعلم أن فيه نجاته، قال تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم) فكن على يقين بأن اختيار الله لك هو الأفضل دائما، وهنا سيطمئن قلبك ويستريح، وستدرك بعد ذلك أبعاد اختيار الله لك، فما تقول عنه اليوم ابتلاء، قد تدرك غدا أنه كان نعمة لك ولها وأنت لا تدري.
ثانيا: أول ما ينبغي عليك فعله هو قطع علاقتك الآن وفورا بتلك الفتاة، فهي متزوجة، وحديثك إليها حتى ولو كان في الدين لا يجوز، بل هو محرم، فهي لا تحل لك، وكثرة الحديث مفضية إلى إفساد زواجها، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس منا من أفسد امرأة على زوجها) وفي رواية (ليس منا من خبب امرأة على زوجها) وهذا تحذير شديد -أخي الكريم- فانتبه أصلحك الله تعالى.
ثالثا: اجتهد في أن تبحث عن عمل، واستعد للزواج، ثم متى تهيأ لك الأمر ابحث عن امرأة صالحة، وتقدم لها وساعتها ستدرك فضل الله عليك، وتعلم قطعا أن اختيار الله لك هو الخير.
رابعا: احذر من التواصل معها، فقد يجر تواصلكما إلى غضب الله عليكما، وقد يستدرجك الشيطان إلى إفساد حياتك وحياتها، وخسارة آخرتك، فاتق الله في نفسك، وارض بقسم الله لك.
خامسا: لا تتبع أخبارها، وغير رقم تواصلك معها، وامسح أرقامها من عندك كلها، افعل ذلك إرضاء لله، وتحصينا لنفسك حتى لا يردك الشيطان فتندم.
سادسا: تعرف على صحبة صالحة دينيا وأخلاقيا، يعينونك على طاعة الله تعالى، فالمرء بإخوانه -أخي الكريم-.
نسأل الله أن يبارك في عمرك وأن يحفظك من كل مكروه، والله الموفق.