السؤال
السلام عليكم
أنا فتاة بعمر 33 سنة، فتاة ملتزمة ومحجبة، والحمد لله، أردت دوما أن أكون طبيبة، وحاولت كثيرا، ولكني فشلت بسبب الخوف لدي، ولم أرد الزواج بسبب مشاكل بين أبي وأمي أدت في النهاية إلى الطلاق، كان أبي مثالا سيئا جدا للزوج المسلم.
كان لدي دائما خوف من المواجهة، خوف من الفشل، خوف من النجاح، وخوف من بناء أسرة مسلمة صالحة!
الآن أشعر أني خسرت كل شيء، فأنا لم أتزوج ولم أتعلم ما أريده، ولم يعد لي رغبة بمواصلة الحياة، أشعر أني لوحدي معظم الوقت، فإخوتي لديهم عائلاتهم، وأمي تعمل، وكذلك أنا.
لا أشتكي لأحد سوى الله، ولكن أحيانا أتمنى أن يكون لي أحد يخصني، ويحبني ويحترمني، وأكون أنا أول أولوياته.
أصبحت أخاف من عمري، وأشعر أني لم أحقق شيئا، فكل أحلامي بقيت أحلاما.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رقية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ما تحدثت عنه لا شك أنه مؤلم، وهو ابتلاء بعضه خارج عنك -طلاق والديك-، وبعضه أنت من نسجت خيوطه أو ساهمت في ذلك -التعثر الدارسي مثلا-، وسبب هذا تعظيم الشيطان الابتلاء في عينيك، فقد رأيت أن ما وقعت فيه وما وصلت إليه مفض إلى اليأس، ومحبط إلى حد القنوط، وبدأت تتعاملين مع هذا التوهم على أنه حقيقة، حتى سرق منك بعض عمرك، وأنت على هذه الحالة، وإذا لم تنتبهي لتلك النقطة فستمر بك الأيام، وساعتها سيكون الاستدراك صعبا.
ثانيا: لو قلبت ناظريك حولك لرأيت ابتلاءات أشد بكثير لبعض الأخوات في عمرك، وأقل من عمرك، هناك من تستيقظ صباحا لتذهب إلى المستشفى لغسيل كليتها ثلاث مرات في الأسبوع، وهناك من أصيبت وهي في سن صغير بالتهجير من أرضها وأهلها، وهناك مآس حقيقية حالتك أنت بالنسبة لهم أمل بعيد المنال وصعب التحقق.
هذه رسالة لفتاة هي ابنة خمسة عشر عاما، أصيبت بمرض نادر في بدنها، مما يستوجب نقل الدم لها بصورة شبه أسبوعية، ووالدها متوفى، وأمها فقيرة، وكانت هي التي ترعى وتنفق فلا معين للبنت إلا أمها، وفي أثناء العلاج تم نقل دم فاسد محمل بفيروس (سي) فانتشر الفيروس في كبدها -سلمها الله-، ثم تضاعف الأمر حتى أفسد كليتها، وتقول الفتاة: رأيت أمي يوما وقد تعبت من العمل؛ لأنها تعمل مدرسة في الصباح، وخادمة في البيوت في المساء؛ لأجل أن تجلب لي ثمن الدواء! وتقول الفتاة: حين رأيت أمي على هذه الحالة بكيت شفقة عليها، فهل يعد هذا البكاء تسخطا على الله؟ تقول: أنا أحب الله ولا أريد أن ألقاه وهو علي غاضب، فقد أكرمني الله كثيرا جدا، ويكفي أنه رزقني حبه وحبب إلي ذكره، ووعدني عند الصبر جنة عرضها السماوات والأرض، لكن بكيت رغما عني، فهل هذا معناه أن الله أحبط عملي؟
لك أن تنظري -أختنا- إلى معاناتها، وما أنت عليه؛ لتدركي أنك رغم قساوة ما ذكرت إلا أنك في معافاة.
ثالثا: ننصحك -أختنا- بما يلي:
1- التسليم لله فيما قضى وقدر، والإيمان بأن الابتلاء مع الصبر ينقلب من محنة إلى منحة، وأن الله عافاك مما ابتلى به كثيرا غيرك، فالحمد لله على المعافاة، والشكر له على التفضل، والصبر على ما ابتلينا به.
2- تعظيم الإيجابيات في حياتك حتى ينعدل عندك ميزان الحكم على حياتك وعلى نفسك.
3- التحصن بالصلاة والذكر والدعاء فهما خير زاد للعبد.
4- لا زلت في سن مناسب للزواج، وبعض أخواتنا تزوجن في أوائل الأربعين، فلا يخدعنك الشيطان بأوهامه فما قدره الله سيكون.
5- نريدك أن تتعرفي على بعض الأخوات في المساجد، الأخوات الصالحات معينات لك على الصلاح والهداية، وكذلك وسائل جيدة للبحث لك عن زوج.
6- أكثري من الدعاء أن يرزقك الله الزوج الصالح، فالدعاء سهم صائب -أختنا الفاضلة-.
نسأل الله الكريم أن يرزقك الزوج الصالح عاجلا غير آجل، وأن يجعل عيشكم رغدا، إنه جواد كريم، والله الموفق.