السؤال
السلام عليكم
أنا مخطوبة وتم كتب كتابي، وأهل زوجي غير لطيفين في المعاملة، ويأمرونني بخلع الجلباب، وحف حواجبي، وغير ذلك من الفسق، والإهانات، وتسميع الكلام أني مطلقة، ورائحة فمك، ولماذا هكذا...إلخ.
خاطبي رجل غير ملتزم بالصلاة، ولا يستطيع أن يفتح موضوعا معي، فهو ممل، ولا يغار علي، ولا يشعرني بأني مخطوبة، ولا يملك صفة من صفات أي رجل عاقل.
إنه غير مسؤول، وعنده صعوبات التعلم، فهل أتركه وأضل تحت مسمى مطلقة؟ لا أجد حلا، فأنا متضايقة، وأشعر أني سأنفجر، ولا أحد يسمعني، وكلما أفتح الموضوع مع أهلي يقولون لي: هو شخص ممتاز، وأنت المليئة بالعقد، لأني ملتزمة بالصلاة واللباس والصوم والسنن، فأين الخلل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سيلين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير ويرزقك الزوج الصالح.
نحن ندعو لك بالثبات، وندعوك إلى الأخذ بأسبابه، فإن الله سبحانه وتعالى قد من عليك بقدر كبير من الاستقامة والهداية لما يرضيه سبحانه وتعالى، فاشكري نعمة الله عليك بالاستمرار، واتخذي الأسباب التي تعينك على هذا الدوام على الطاعة، ومن ذلك الرفقة الصالحة، فحاولي أن تتعرفي إلى النساء الصالحات الطيبات.
أما سؤالك عن أين الخلل، هل فيك أو في من حولك؟ فإن الجواب واضح وظاهر، ولا يحتاج منك إلى كثير من التردد، فإن أمر الله سبحانه وتعالى مقدم على أمر غيره، وطاعته سبحانه وتعالى فوق كل طاعة، والسعادة هي أن تبحثي عن رضاه والعمل بما يحبه، فعاقبة ذلك ونهايته أن تسعدي أنت، فقد قال الله سبحانه وتعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة) [النحل: 97]، ولا طاعة لأحد من الناس كائنا من كان في معصية الله تعالى، فقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة في المعروف)، وقال: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق).
بهذا تعرفين أنك ما دمت طائعة لله ممتثلة لأمره فأنت على الحق والخير، ولا يضرك تقصير بعض الناس ممن حولك، كما نوصيك أيضا بأن لا تلتفتي إلى من يحاول أن يثبطك عن فعل الطاعات بحجة أنك في تزمت وتشدد، وأن ما تفعلينه تعقيد، ونحو ذلك من الكلام المتكرر الذي يردده كثير من الناس حين يستثقلون القيام بطاعة الله تعالى، والالتزام بأوامره ونواهيه.
لا تلتفتي لهذا كله، ومما يعينك على عدم الالتفات إلى هذا؛ الرفقة الطيبة الصالحة التي تشابهك في الالتزام بأمر الله تعالى والقيام بفرائضه، فإن الإنسان يتأثر بمن حوله، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسر لك أسباب الخير، وأن يعينك عليه.
أما عن شأن هذا الرجل الذي قد تم زواجك به، وتم عقد النكاح فإنه صار زوجا لك، وهو وإن كان متصفا بصفات تستدعي مفارقته من حيث عدم التزامه بالصلاة، ومن حيث ما يتصف به أهله أيضا من مضايقة لك في أمور دينك، والالتزام به، إلا أن هذا كله كان ينبغي أن ينظر فيه، ويتخذ القرار بشأنه قبل أن تصلي إلى هذه المرحلة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أوصى باختيار الزوج كما أوصى باختيار الزوجة، فقال: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه).
نصيحتنا لك أن تتمهلي في أمرك، وتتخذي القرار بتؤدة، وروية، وسكينة، وعمق نظر، فإن رأيت أن هذا الرجل يمكن أن يتغير ويصلح حاله، ويهديه الله تعالى على يديك، فهذا خير كثير تقدمينه لنفسك، من حيث المحافظة على زواجك وزوجك، ومن حيث الدعوة إلى دين الله تعالى، والتسبب في إصلاح إنسان مسلم، وأما أهله فيمكنك الصبر عليهم، ولا يلزمك طاعتهم، ويمكنك أن تتخلصي من مضايقتهم بأن تسكني مع زوجك إن أمكن ذلك في سكن مستقل بك وبه، فما يأتيك من أهله يمكن التغلب عليه، ويمكن تجاوزه والصبر عليه.
إذا رأيت أن هذا كله غير وارد في حالتك، وأن هذا الزوج لا يرجى منه نفع، ولا يطمع في أن يغير من سلوكه، ووجدت في نفسك نفورا منه أيضا بجانب ما هو فيه من عدم التزامه بالصلاة، فإنه يجوز لك شرعا أن تطلبي الخلع، وأن تفارقيه، ولكن هذا القرار بحاجة إلى مشاورة العقلاء من أهلك ممن يحرصون على مصلحتك، والنظر أيضا في فرص الزواج بالنسبة لك أنت، وهل فرص الزواج محتملة، أما الأمور بخلاف ذلك فحينها ينبغي أن تقارني بين ما هو مر وما هو أمر منه، والشريعة الإسلامية جاءت بالمقارنة بين المفاسد، فربما يرتكب الإنسان المفسدة الصغيرة ليدفع عن نفسه مفسدة أكبر منها.
أنت تقرئين في سورة الكهف، قصة الخضر مع موسى، الخضر خرق السفينة وأخبر موسى بأنه خرقها حتى لا يأخذها الملك إذا رآها سليمة، وقتل الولد الصغير حتى لا يرهق والديه بكفره حين يكبر، وهكذا هي الحياة مقارنة بين المصالح والمفاسد، وارتكاب أخف المفاسد لدفع أكبرها، فننصحك بأن تشاوري العقلاء من حولك، وأن تستخيري الله سبحانه وتعالى، فإذا رأيت أن فرص الزواج ممكنة، وأنك لن تتضرري كثيرا بمفارقة هذا الزوج، ففارقيه، وإلا فالحكماء يقولون: الحيلة فيما لا حيلة فيه الصبر.
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.