دعوت الله كثيرًا في العمرة ولم أر ما تمنيته، فما السبب؟

0 32

السؤال

السلام عليكم.

لقد من علي الله في بداية هذا العام بالعمرة، ودعوت الله أن يرزقني الزوج الصالح، ولكن ما إن ذهبت إلا وتغير الحال، فقد أصبحت أدعو بأن يرزقني الله بقلب سليم، وأن يتوب علي، ويرزقني الالتزام بالصلاة؛ لأنني أحيانا أنام عن صلاة العشاء بسبب الإرهاق.

أدعيتي لم تكن بتذلل وبكاء، ولكني كنت أدعو بها باستمرار، وقد مرت الآن 3 أشهر، ولم أجد ما تمنيته ودعوت به، أعلم أنه يجب علي التحلي باليقين، وأعلم أن الله قادر، ولكن عزيمتي ضعيفة!

أكثر ما يحزنني أنني كنت أريد عندما أعود، أن يكون لدي قلب سليم لا يحزن لتوافه الأمور، ويشعر بالسكينة دوما، وبمعية الله، ولكني لا أجد ذلك في قلبي حين أبحث عنه، إلا أنني أقول لنفسي: لقد ذهبت لبيت الله، وأكيد أن هناك شيئا ما قد تغير في نفسي، ولو كان بسيطا.

ومنذ أن عدت لبلدي وأنا أتساءل هل غفرت ذنوبي، أم أني قصرت في أدعيتي لذا لم أتغير، ولم تتغير حياتي وتتحقق دعواتي أيضا؟

‏وهل بقولي: "مؤكد أن ذنوبي غفرت بالعمرة" دليل على أنني أصبحت أتحلى باليقين؟

أسأل الله أن يشفي صدوركم، ويرزقكم راحة البال.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ منال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في استشارات إسلام ويب.

أولا: نهنئك بفضل الله تعالى عليك، وما من به عليك من تيسير الذهاب للعمرة، ونسأل الله تعالى أن يتقبل منك.

ثانيا: ندعوك أولا -ابنتنا الكريمة- إلى إحسان العلاقة بربك؛ بأداء الفرائض، وأهم هذه الفرائض هي الالتزام بالصلاة؛ فالواجب عليك أن تأخذي بالأسباب التي تعينك على أداء الصلاة في أوقاتها، وإذا فاتتك صلاة بسبب النوم فلا إثم عليك، ولكن يجب عليك أن تقضيها.

ومن الأسباب التي تعينك على المحافظة على الصلوات: الصحبة الصالحة، فاستعيني بالتعرف إلى النساء الطيبات الصالحات.

ومن الأسباب: سماع المواعظ التي تذكرك بفضيلة الصلاة، وما أعد الله تعالى فيها من الأجور العاجلة والآجلة، وننصحك بقراءة كتيب صغير موجود على شبكة الإنترنت لأحد علماء مصر، وعنوانه (لماذا نصلي؟) وفيه الكثير من الأحاديث التي تبين ثمرات الصلاة، وفيه حافز قوي يبعث النفس الإنسانية على العمل لهذه الفريضة، لما فيها من الخير الكثير، والأجر العميم.

وأما ما ذكرته بشأن الدعاء، وذهابك العمرة للدعاء:

فاعلمي أن الله سبحانه وتعالى يستجيب دعاء الإنسان المسلم أينما كان، فلا يشترط لقبول الدعاء أن يكون في حج أو عمرة، فالله تعالى يستجيب دعوة المضطرين ولو كانوا من الكافرين، فأقبلي بقلبك على الله تعالى حين الدعاء، واسأليه وأنت متيقنة بأنه سبحانه وتعالى قدير على أن يجيب دعاءك، ولا يعجزه ذلك، وأنه سبحانه وتعالى أرحم بك من نفسك، وأنه يفعل بك ما هو أصلح لك وأنفع.

فاسألي الله وأنت موقنة بأنه سيجيبك، والله تعالى لا يعجزه ذلك، ولكن ينبغي أن تعلمي أيضا أن هذه الإجابة لها أشكال ومظاهر، وليس بالضرورة أن يعطيك الله تعالى نفس الشيء الذي سألته، فقد قال النبي (ﷺ) في الحديث الذي رواه الإمام البخاري في "الأدب المفرد": (‌ما ‌من ‌مسلم ‌يدعو ‌بدعوة ليس فيها إثم، ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف (يدفع) عنه من السوء مثلها).

فهذا الحديث العظيم يبين فيه النبي (ﷺ) مظاهر الإجابة، فقد يعلم الله تعالى أن الخير لك أن يعطيك نفس الشيء الذي طلبته، فيعطيك إياه، وقد يعلم الله تعالى أن الخير لك تأخير هذا الطلب، ولكنه يقبل منك الدعاء؛ فيصرف به عنك من المقادير المكروهة مثل ما دعوت به، وربما أكثر، أو يدخر لك ثواب هذا الدعاء إلى يوم القيامة، وإذا جاء يوم الحساب فإنك ستدركين عظم الثواب، وحينها يتمنى الناس أن الله تعالى لم يستجب لهم في الدنيا؛ حين يرون الثواب المدخر لهم في الآخرة.

فلا تستعجلي إجابة الدعاء، فقد قال النبي (ﷺ) في الحديث الذي رواه الإمام مسلم: ‌يستجاب ‌لأحدكم ما لم يعجل وفسر العجلة بأنه يقول: قد دعوت وقد دعوت، فلم أر يستجيب لي ‌فيستحسر عند ذلك، ويدع الدعاء فينقطع عن الدعاء، ويحرم بذلك أجر الدعاء وإجابة الله تعالى له إلى ما يسأله ويدعوه.

فننصحك بعدم اليأس، وتكرير الدعاء مرارا، وأنت في عبادة، سواء أعطاك الله تعالى الشيء الذي تسألين، أو لم يعطك، فأنت في خير كثير، واعلمي أن الله تعالى يقدر لك الخير، وقد قال سبحانه: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

وأما مغفرة الذنوب فإنه أمر غيبي، ولكن ينبغي للإنسان أن يكون جامعا في حاله بين الطمع في عفو الله تعالى ومغفرته، وبين الخوف من أن الذنوب لم تغفر، فهذا الخوف يحول بينه وبين الوقوع في المعاصي، والطمع في فضل الله وثوابه يدفعه نحو الزيادة من الأعمال الصالحة.

نسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير، ويعينك عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات