السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد أن أسأل عمن عمل لها سحر الحجز أو "القفية" ولم تتزوج، رغم قدوم الكثير من الخطاب إلا أنها ترفضهم، وتريد معرفة العلاج.
أثابكم الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد أن أسأل عمن عمل لها سحر الحجز أو "القفية" ولم تتزوج، رغم قدوم الكثير من الخطاب إلا أنها ترفضهم، وتريد معرفة العلاج.
أثابكم الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رفيق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولا: السحر تتعدد مسمياته وحقيقته واحدة، ولكنا أحيانا كثيرة ما نضخم من شأنه؛ إما حين نفترض وجوده وليس موجودا أصلا، وإما موجود ولكنا نجعل من وجوده هالة كبيرة كأنه المتحكم والمسيطر، ومن بيده مقاليد كل شيء، وهذا وهم أخي الكريم.
نحن لا ننكر وجود السحر فقد قال تعالى: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولـكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون}.
ولكنا ننكر تضخيمنا المتعمد له، وافتراض البعض أن المسحور قد انتهى به الحال، وأنه لا فكاك مما هو فيه، وتلك والله بلية كبيرة.
ثانيا: انصراف الخطاب لا يدل لزاما على وجود سحر، بل هناك عوامل كثيرة لذلك، أكثرها في المتقدمين أنفسهم؛ فبعضهم غير قادر، وبعضهم متردد، وبعضهم مثالي في طلباته، لذا نسمع من أخواتنا كثيرا مثل تلك الشكاوى، والحاصل أن وجود انصراف الخطاب لا يدل دلالة واضحة على وجود السحر.
ثالثا: نفترض أن المتحدث عنها بها سحر، فماذا كان؟ علاجها ميسور بإذن الله وسنخبرك به، ولكن لا بد أن نؤكد على حقيقة مفادها: من المقطوع به أنه لا يقع في ملك الله إلا ما يريد الله عز وجل، وكل شيء بتقدير، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن. قال تعالى: {إنا كل شيء خلقناه بقدر}، والمؤمن يعتقد ذلك ويؤمن به في إطار قول الله تعالى: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون}.
لذا أول ما نوصيك به أن تجمع الأخت قلبها على اليقين بذلك، وأن تثق أن الأمور بيد الله عز وجل، وأن الله قادر على كل شيء، فالاستعانة بالله وحده والبعد عن العجز أو اليأس أو القنوط هو أول منازل العافية.
العلاج يكمن فيما يلي:
أولا: الاقتناع بأن الشافي المعافي هو الله، وأنه ليس لأحد سلطان عليها، وأن أمرها بين يدي مولاها لا غير، وهنا تهدأ النفس ويستقر الفؤاد.
ثانيا: تحصين البيت بالأذكار وقراءة القرآن، وخاصة سورة البقرة كل ليلة فقد قال رسول الله (ﷺ): (لا تجعلوا بيوتكم مقابر؛ إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة) [رواه مسلم] ورواه الترمذي بلفظ: (وإن البيت الذي تقرأ فيه البقرة، لا يدخله الشيطان). ورواه ابن حبان بلفظ: (فإن الشيطان ليفر من البيت، يسمع سورة البقرة تقرأ فيه).
قال المظهري في شرح المصابيح: "(لا تجعلوا بيوتكم مقابر) يعني: لا تتركوا بيوتكم خالية من تلاوة القرآن، بل اقرؤوا في بيوتكم القرآن؛ فإن كل بيت لا يقرأ فيه القرآن يشبه المقابر في عدم قراءة القرآن". وقال ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين: "يعني إذا قرأت في بيتك سورة البقرة، فإن الشيطان يفر منها، ولا يقرب البيت، والسبب أن في سورة البقرة آية الكرسي". فسورة البقرة متى ما قرأت في مكان فر منه الشيطان.
ثالثا: يستحب أن تتواصل الأخت مع بعض الأخوات الصالحات المتخصصات في الرقية إن لم تكن تحسن ذلك، ولا بأس أن يكون عند شيخ، المهم أن يكون الشيخ من أهل السنة، وأن يكون معها محرم. وحتى تعلم الفارق بين الراقي الشرعي وغيره لا بد أن تعرف شروط الرقية الشرعية، وهي:
1 - أن تكون بكلام الله، أو بأسمائه وصفاته، أو المأثور عن النبي (ﷺ).
2 - أن تكون باللسان العربي وما يعرف معناه، فكل اسم مجهول ليس لأحد أن يرقي به فضلا عن أن يدعو به ولو عرف معناه؛ لأنه يكره الدعاء بغير العربية، وإنما يرخص لمن لا يحسن العربية، فأما جعل الألفاظ الأعجمية شعارا فليس من دين الإسلام.
3 - أن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بتقدير الله تعالى.
فإذا كانت هذه الشروط الثلاثة مجتمعة في الرقية فهي الرقية الشرعية، وقد قال (ﷺ): (لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا) [رواه مسلم]. ولا شك أن أنفع الرقية وأفضلها وأكثرها أثرا ما كانت من الإنسان نفسه، وذلك لما ورد في النصوص في ذلك.
وسورة الفاتحة من أنفع ما يقرأ على المريض، وذلك لما تضمنته هذه السورة العظيمة من إخلاص العبودية لله، والثناء عليه عز وجل، وتفويض الأمر كله إليه، والاستعانة به، والتوكل عليه، وسؤاله مجامع النعم، ولما ورد فيها من النصوص الخاصة بها.
رابعا: المحافظة على الفرائض والسنن والأذكار والابتعاد عن المعاصي وسماع الغناء، هذا كله مؤذن بتعجيل الشفاء.
وأخيرا: إن استطاعت أن تذهب إلى العمرة وتشرب من ماء زمزم فهذا خير كثير، وفيه العافية والشفاء بإذن الله تعالى، على أن كل هذا عند فرضية أنها مسحورة، لذا عليكم بما ذكرنا مع الأخذ في الاعتبار أن انصراف الخطاب قد يكون لأسباب يجب الالتفات إليها.
نسأل الله أن يوفقكم وأن يرعاكم، والله الموفق.