السؤال
السلام عليكم.
اليوم أغلقت الطريق على شخص بالمركبة وكنت مستعجلا، وأول مرة أرتكب هذا الخطأ، ولما خرجت لقيته ينتظرني، ذهبت إليه وتأسفت عدة مرات، فقال لي: حسبي الله فيك مرتين.
وأنا ماش في الطريق ظللت أفكر خائفا من هذه الدعوة!
ماذا أفعل؟ هل أتصدق ببعض مال لفقير، وحاليا أشعر بالخطأ وخائف، أفكر ولا أعرف ماذا أفعل؟
شكرا، والسلام عليكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فراس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولا: نشكر لك هذا الإحساس الرفيع الذي يدفعك نحو التخوف من ظلم الآخرين، والاعتداء على حقوقهم مهما كانت يسيرة، وهذا السلوك لن يجر إليك إلا الخير؛ فإن حقوق العباد أمرها عظيم؛ ولذلك حذرنا الله تعالى من الظلم مهما صغر.
وما فعلته من تعطيل منافع هذا الشخص فيه اعتداء عليه، ولكن قد وفقك الله تعالى إلى أن تطلب منه العفو، وأن يتجاوز لك عن هذا الخطأ، مع ما تشعر به أنت من الندم على هذا الفعل؛ فإذا أضفت إلى ذلك العزم المؤكد على عدم الاعتداء على حق إنسان بغير حق؛ فإنك تكون تائبا بهذا من ذنبك، والله تعالى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.
وكان ينبغي من هذا الأخ أن يقبل منك الاعتذار ويعفو عما كان، ولكن إذا لم يفعل فاعلم أن الله تعالى سيؤدي عنك هذا الحق، ويرضي هذا الإنسان بحقه يوم القيامة، فأحسن ظنك بالله تعالى، ولا تبالغ في الخوف؛ بحيث تصل إلى حالة من الإحباط واليأس، بل اجعل من الخوف دافعا لك نحو الأفضل ونحو العمل الصالح، واجتناب المعاصي والظلم؛ فإن هذا النوع من الخوف هو الخوف النافع.
الخوف الدافع نحو العمل الجيد والعمل الصالح هو الخوف الذي يطلبه الله تعالى منا في هذه الحياة، فإذا انتهى زمن العمل ودخلنا الجنة فإن أهل الجنة يعيشون بلا خوف آمنين، كما قال الله عز وجل: {إن المتقين في مقام أمين * في جنات وعيون}، وكما قال: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} ففي الجنة لا يوجد عمل صالح يعمله الإنسان، قدر الله تعالى أن الناس يعيشون فيها بلا خوف.
فاجعل من هذا الخوف باعثا لك نحو الاستزادة من الأعمال الصالحة، وإذا تصدقت فإن هذه الصدقة عمل صالح، وهو مدخر لك في سجلات أعمالك، والله تعالى قد دعانا إلى الصدقة بالأموال لسبب ولغير سبب، فأكثر من الأعمال الصالحة ما استطعت إلى ذلك سبيلا، والحسنات يدفع الله تعالى بها السيئات كما قال الله تعالى في كتابه الكريم: {إن الحسنات يذهبن السيئات}، وصدقتك سيكفر الله تعالى بها بعض ذنوبك وإن لم يكن كلها.
نسأل الله تعالى أن يلهمنا وإياك الرشد، وأن يعيننا جميعا على الخير.