السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعاني من عدم التوفيق في حياتي، أي أمر يحدث لي عكسه، أنا على قدر من الجمال -والحمد لله-، لكن لا أحد يتقدم لي، وعندما يتقدمون يتوقف الأمر دون أي مبرر أو سبب واضح، تكون الأمور بخير وفجأة ينتهي كل شيء دون سبب، مع العلم أني أصلي وأذهب للمسجد وأقرأ القرآن، لكن أحيانا أبكي، وأحيانا أريد أن أفقد صوابي!
أرى أن الجميع من حولي أمورهم بخير، وتزوجوا إلا أنا دون جدوى!
وفي الأخير: أتمنى أن تدعوا لي بالزوج الصالح والتوفيق، وبارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك ابنتنا العزيزة في استشارات إسلام ويب.
أولا: نبدأ بالدعاء لك، وهو آخر سؤالك، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك، وتسكن إليه نفسك.
وثانيا: نطمئنك ابنتنا الكريمة، ونبشرك بأن الله سبحانه وتعالى أرحم بك من نفسك، وأعلم بمصلحتك، وهو على كل شيء قدير، فلا يعجزه سبحانه وتعالى أن يحقق لك رغباتك، ولكنه يقدر لك ما هو خير، والمطلوب منك أن تأخذي بالأسباب المباحة للوصول إلى الأرزاق، وبلوغ الأهداف والأماني، فإذا فعلت أنت ما أمكنك من الأسباب المباحة، فبعد ذلك كوني على ثقة من أن ما يقدره الله تعالى هو الخير، وهو أفضل مما تتمنينه وتحرصين عليه؛ فقد قال الله في كتابه: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون). وأخبرنا تعالى في كتابه أن كل ما نلاقيه في هذه الحياة قد قدره الله قبل أن نخرج إلى هذه الدنيا، وأخبرنا سبحانه وتعالى بأن إعلامنا بهذا وإخبارنا بأن الله تعالى قد قدر كل شيء، هو أعظم سبب لتحصيل الطمأنينة والسكينة في حياتنا، فلا نتأسف، ولا نتحسر على شيء لم نستطع الوصول إليه؛ لأننا نؤمن أن الله تعالى قد كتب وقدر ألا نصل إليه.
قال سبحانه في كتابه: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكي لا تأسوا على ما فاتكم). فلا تتأسفي كثيرا على شيء لم يقدره الله، واعلمي أن الله تعالى إذا حرمك من شيء؛ فإنما حرمك منه لحكمة بالغة، فلا يفعل شيئا سدى، والمهم في الأمر أن لا تكوني أنت متسببة في الحرمان؛ بأن تقعي في ما يغضب الله عليك، فيحرمك رزقه بذنبك، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).
وحتى لا تقعي في إحباط نفسي وكآبة، اعلمي أن الله تعالى يسر دينه على عباده، وأن الإنسان إذا داوم على الاستغفار والتوبة، فإنه بذلك يمحو كل ذنوبه، فالأمر سهل يسير. إذا داومي على الاستغفار، داومي عليه واعلمي أنه أعظم سبب لتحصيل الرزق، وقد قال الله تعالى في سورة نوح: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين* ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا).
فالاستغفار سبب للأرزاق، والتوبة جالبة ومفتاح لكل خير، والتقوى سبب لتفريج الأمور وفتح أبواب الرزق، فهذه هي الأسباب الحقيقية. ومن الأسباب أيضا المادية المحسوسة: أن تتعرفي إلى النساء الصالحات، والفتيات الطيبات، وتقيمي علاقات معهن، فإنهن من الأسباب الموصلة للأزواج، وإذا أخذت بهذه الأسباب؛ فاعلمي بعد ذلك أن ما يقدره الله تعالى هو الخير والمنفعة.
واحذري أن يجرك الشيطان إلى اليأس من رحمة الله تعالى، أو اليأس من تفريجه لأمرك وتيسيره لك ما تتمنين الوصول إليه، احذري من هذا، فإن الشيطان حريص على أن يوقعك في الحزن كما قال الله تعالى: (إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا). واحذري كذلك من أن يجرك الشيطان إلى سلوك طرق مفضية إلى الندامة، ولا سيما مع كثرة وسائل التواصل اليوم، واستغلال شياطين الإنس والجن للفتيات الطيبات، وحرصهن على الزواج، فيفتحون لهن أبوابا من الشرور، احذري ذلك كله، واعلمي أن معصية الله تعالى لا تكون أبدا سببا لتحصيل رزق الله تعالى وفضله.
خير ما نوصيك به ابنتنا الكريمة أن تكثري من دعاء الله، أن يقدر لك الخير، ويرزقك الزوج الصالح، فإن الله تعالى لا يعجزه شيء، نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.
والله الموفق.