السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لماذا يجب على المرأة أن تتصنع من أجل إشباع احتياجاتها العاطفية، وهو ما يسمى بالدلع؟ فمثلا، عند أقل جرح بسيط تتصنع الألم، أو تتصنع الحزن أو الحرد والغضب، أو ترفع صوتها بنبرة مختلفة عن صوتها العادي.
ذكرتم أن كلا الطرفين بحاجة ماسة للتدليل من الطرف الآخر، فلماذا يعتبر الدلع صفة خاصة بالمرأة ومذمومة للرجل؟
لماذا تتصنع المرأة وتصبح (دلوعة)؟ لماذا لا تكون على طبيعتها وتحصل على الإشباع العاطفي؟ وكيف يشبع الرجل احتياجاتها العاطفية إذا كان أقل منها عاطفة؟ فهو لن يستطيع أن يعطيها ما تريده من عاطفة لكونه أقل عاطفية، فكيف يشبعها عاطفيا؟
ذكرتم أن المرأة تشبع نفسها عاطفيا ببذل العاطفة للآخرين، فهل القصد أنها عندما تشبع غيرها عاطفيا؛ فإن ذلك يشبعها ولا تحتاج إلى أحد يشبعها كما تفعل؟ أم يكفي أن يسمعها كلمات الحب والغزل فقط مقابل أن تشبع الآخرين؟ كيف تشبع عاطفيا؟ وكيف عندما تبذل تأخذ؟
أخيرا وأهم شيء: إذا كان قصدكم أنه عندما تعطي المرأة الطرف الآخر سيبادر هو، فلماذا لا يكون كلا الطرفين مبادرين؟ لماذا تشعر المرأة بأن زوجها لا يهتم بها إلا إذا بادرت هي؟ وكأن عاطفتها غير مهمة ويجب أن تبادر هي للحصول على ما تريد؟ أليس كلاهما في حاجة ماسة للتدليل؟ لماذا لا يبادر هو مثلها للحصول على ما يريد؟ وكونها أكثر عاطفة لا يعني أن تكون هي المبادر دائما.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ TABARK حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك - ابنتنا الفاضلة - في الموقع، وشكرا على هذا السؤال العميق، الذي يدل على الحرص على المعرفة، والدلال صفة جميلة في المرأة، لكن مهارة الدلال فن، ولذلك صفية زوج النبي (ﷺ) نموذج لهذا المعنى الجميل، فكم مرة دمعت عينها ومسح النبي (ﷺ) دمعتها بيده الشريفة -عليه صلاة الله وسلامه-.
وهذا الدلال والضعف يثير حركة الرجل الذي يمثل القوة، ويمثل الحماية، والمرأة تسعد عندما تشعر أنها أمام رجل قوي ويحبها ويحتويها، ويمسح دمعتها، ويلاطفها، فالدلال (الدلع) مهارة مطلوبة، لكن هذا الدلال ما ينبغي أن يزيد عن حده، والدليل على ذلك أن صفية لما أكثرت البكاء تركها النبي (ﷺ) ومضى، لأن هذا الدلال فن، ينبغي أن تعرف المرأة مقداره، وكيفيته وتوقيته، وطريقته.
السؤال الثاني: المرأة تتصنع لأن المرأة هي الجانب العاطفي، الرجل ينظر للأمور بالعقل، ويحسبها بالدرهم والدينار، يرى الأمور والحياة لا تستمر إلا بهذا وهذا، فنحن بحاجة إلى عاطفة تلطف صعوبة الحياة، وبحاجة إلى عقل يحكم الحياة بحسابات دقيقة، بأمور واضحة، وصحيحة. كذلك أيضا الرجل أقل منها عاطفة، وهي أقل منه عقلا، لأن بعض الأمور يتحكم فيها بعقله بوضوحه.
والمرأة تشبع نفسها عاطفيا عندما تبذل العاطفة للآخرين؛ لأنها تتلذذ بذلك، فهي تمسح رأس طفلها، وتشعر بتغير في قلبها ورقة، هي أيضا تمسح رأس زوجها وتبذل له الكلمات العاطفية، وتشعر بأن هذا المخزون عندها ينمو ويزيد عندها، فلذلك أخذ مسألة المسح الآن النبي (ﷺ) لما دعانا إلى أن نمسح على رأس اليتيم، الماسح يستفيد واليتيم يستفيد، كلا الطرفين يستفيد من هذه الحركة التي يفعلها الإنسان مع اليتيم.
والرجل طبعا يبادر، لكن مبادرة الرجل أيضا مطلوبة منه، لكن هي صاحبة العاطفة، هي التي تتدلل، هي التي تتعرض له، هي التي تتزين له، هي التي تدعوه بكلامها، وتغنجها، وهذا مطلوب. المرأة أمام زوجها ينبغي أن تبذل الدلال، وتبذل العاطفة التي تلفت نظره، وذلك العطر الجميل، والكلمة الجميلة، والابتسامة الرائعة كل ذلك مطلوب، وكلهم بحاجة، لكن الحاجة تشبع عندما تبذل هذه، ما يحتاجه الآخر، وهي أيضا تفعل هذا وتحتاج لمن يحتويها، ويحتضنها ويشبعها، وهذا يتحقق لها عندما تكون كاملة الأنوثة.
ولذلك الفطرة أن الأنوثة جاذبة، وأن الحياء جاذب، وعكس ذلك ينفر، لأنها تصبح تشبه الرجل، وكما قالوا الأقطاب المتشابهة تتنافر، يعني موجب وموجب يتنافر، لكن موجب وسالب يحصل التجاذب، وهذا هو السر، والمرأة تقوى عاطفتها كما قلنا بقبلة أطفالها، بكلامها الجميل، بلطفها، بتعاملها مع الصغار هذا كله يزيد هذا المخزون.
من المهم أن يعرف الرجل الميزات التي ميزه الله بها، والتكاليف التي كلفه الله بها، وتعرف المرأة الميزات التي ميزها الله بها والتكاليف التي كلفها الله بها، لتحسن العلاقة وتستقيم الحياة الزوجية، قال العظيم: {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض}؛ لأن هذا من التكامل، وليس من التحدي، أو من المخاصمة، لا، بل هو التكامل، فالرجل في حاجة لما عند المرأة، والمرأة بحاجة لما عند الرجل، وكل منهما في تنافس في رضى رب الأرض والسماوات، فهي بحاجة إلى أن تشعر بالحب والأمان، وهو بحاجة إلى أن يشعر بالتقدير والاحترام، فإذا وفرت المرأة لزوجها التقدير والاحترام غمرها الرجل بالحب والأمان.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يفقهنا في ديننا، وأن يؤلف بين قلوب الأزواج، وأن يصلح ذات بينهم.