السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة، أبلغ من العمر 16 عاما، ولدي العديد من المشاكل!
دائما ما أفكر في أمور الشهوة والزواج، ووصل بي الأمر إلى أن أفكر فيهما حتى وأنا أصلي أو وأنا صائمة! أنا متفوقة في دراستي -ولله الحمد- ودائما ما أكون من بين الثلاثة الأوائل.
أخي يبلغ من العمر 13 عاما، ويتعبني أنا وأمي كثيرا، وهو لا يحب الدراسة ولا يطيق سماع أي كلمة من أمي، ودائما لا يعترف بأخطائه، وأبي مسافر ولكنه لا يتصرف، بل يدلله كثيرا.
أعاني من مشاكل التشتت والتسويف حتى في حياتي الدينية، دائما أسوف في أداء الصلاة بالرغم من علمي بأن تأخير الصلاة من كبائر الذنوب، ودائما ما أقول سأحفظ القرآن لاحقا، ونفس الشيء بالنسبة لدراستي وحياتي العادية.
وأخيرا: أنا واقعة في حب ابن خالتي منذ نعومة أظفاري، وهو يبلغ من العمر 20 عاما، ولا أستطيع التوقف عن التفكير فيه؛ لأني للأسف لم أكن أغض بصري عنه، وأجد فيه الصفات التي أود أن تكون في زوجي المستقبلي.
كيف أنقذ نفسي وشبابي؟ أنا بالفعل أحاول التقرب إلى الله، الآن ودائما أستغفر، ولكن أجد نفسي بعد عدة أيام أنتكس مرة أخرى، وأجد المشاكل تزداد سوءا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Salma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يحفظك، وأن يبارك فيك، وأن يختار لك الخير، إنه جواد كريم.
فإن القراءة الصحيحة لاستفساراتك تفيد بأن المشكلة في أمرين:
أولا: الشهوة وكيفية تجنب أضرارها وآثارها.
ثانيا: الطريق في ترويض الأخ وكيفية التعامل معه.
اعلمي -أيتها الفاضلة- أن سبب ضعف التدين والانشغال الدائم في الشهوة حتى في صلاتك، والتشتت الحاصل؛ كل هذا سببه: التصالح مع الشهوة وعدم مواجهتها، ولن تستطيعي العودة إلى الصلاح والفلاح والتدين الحق إلا بإصلاح هذا الخلل الحاصل، والتوقف الفوري عن الانهزام النفسي أمام الشهوة، وأمام سطوة وهم محبة ابن خالتك؛ لأن الشيطان (أختنا) لا بد أن يريك هذا الشاب بعين الكمال حتى تقعي في شراكه، وأنت لا تعلمين هل هو الخير لك أم لا، فلا تنهزمي أمام هذا أو ذاك، وثقي أنك أقوى بالله، وعليه فإذا أردت الاستقامة فعليك بمواجهة شهوتك، وإذا أردت المواجهة فعليك بما يلي:
أولا: الآن وفورا أعلنيها لله توبة، توبة صادقة نابعة من قلبك، توبة عمادها عدم العودة، توبة غايتها رضى الرحمن عليك، توبة تحمل الندم، فأنت فتاة متفوقة، ومتدينة، ومحبة للخير، ولا زلت صغيرة على مسائل الزواج، ولا ينبغي لمثلك أن يسقط في مثل هذا الدرك الآثم.
ثانيا: حتى تتخلصي من هذا التفكير المحرم، وهذا التعلق الذي أشغلك عن طاعتك وصلاتك، كرري على نفسك أنه حرام، وأنك بهذا التواصل آثمة، وعاصية لله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، هذا الشعور لا بد أن تستحضريه كلما هممت بالتفكير في هذه المعصية.
ثالثا: المعصية (أختنا) هي نوع من أنواع الشهوة المحرمة، وأهل العلم ذكروا أن من أعظم أسبابها: غياب المحافظة على الصلاة كما ينبغي، فقد قال الله: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات} فكل من اتبع شهوته وانشغل بالحرام؛ يعلم قطعا أنه ابتعد عن الصلاة كما ينبغي، وبالعكس كل من اتبع الصلاة وحافظ عليها، وأداها كما أمره الله أعانه الله على شهوته.
رابعا: نريدك أن تجتهدي في زيادة معدل التدين عندك عن طريق كثرة النوافل، وكثرة ذكر الله والصيام، واعلمي أن القلب كالوعاء لا يكون فارغا قط، إن لم تحسني شغله بالطاعة شغل بالمعصية.
خامسا: أوثقي علاقتك بأمك وبالصالحات من أهلك، واعلمي أن أمك أحرص الناس عليك، وأخوف الخلق عليك، وهي ألصق الناس بك، أخبريها بكل شيء وحدثيها عن كل ما يشغلك، وثقي أنها ستكون لك سندا بعد الله عز وجل.
وكذلك الصحبة الصالحة لها دورها الإيجابي، فإن المرء بإخوانه وإخوانه بدونه، اجتهدي أن تتعرفي على أخوات صالحات يذكروك بالله كلما ضعفت.
سادسا: ابتعدي عن الفراغ عن طريق شغل كل أوقاتك بالعلم، أو المذاكرة أو ممارسة نوع من أنواع الرياضة، المهم أن لا تسلمي نفسك للفراغ مطلقا، وأن تتجنبي البقاء وحدك فترات طويلة.
سابعا: الشهوة إناء كلما شربت منه عطشت؛ لذا لا بد من الابتعاد عن كل المثيرات التي تثيرك، واعلمي أن المثيرات سواء البصرية عن طريق الأفلام أو السماعية عن طريق المحادثات، أو أيا من تلك الوسائل لا تطفئ الشهوة بل تزيدها سعارا.
أما مشكلة أخيك فإنها تحتاج إلى ما يلي:
1- مصاحبته وتشجيعه أن يكون رجلا في البيت بتكليفه ببعض الأعمال، وترك مساحة له ليعبر عن رأيه، مع الاستماع إليه.
2- تشجيع الصفات الإيجابية فيه، وعدم الحديث كثيرا عن سلبياته.
3- توسيع دائرة محيط أصحابه خاصة أهل التدين.
4- توثيق علاقته بأبيه وتواصله معه باستمرار، وكذلك علاقته بأعمامه وأخواله، لا بد أن يكون لهم دور في نصحه.
هذا مع الدعاء له بالهداية والصلاح، نسأل الله أن يصرف الله عنكم الشر، وأن يقوي إيمانك، وأن يحفظك ويحفظ أهلك من كل مكروه، والله المستعان.