كيفية تطوير علاقة البنت بأبيها

0 496

السؤال

السلام عليكم.
أنا فتاة متحجبة وملتزمة، طالبة ثانوية، أود أن أعرف كيف أستطيع أن أطور علاقتي بأبي، خاصة أن أبي لا يهتم بي، ويخجل مني كثيرا، وأحيانا العكس، فكيف يمكنني أن أحسن علاقتي به، والله أعلم بحالي أنه لا يرفض لي طلبا، ولكن أهم طلب عندي لا يعطيني إياه، وهو حنان الأب!
أبي ملتزم شرعيا ودينيا والحمد لله، ولكن أخجل دائما وأغار من صديقاتي عندما يتكلمن عن آبائهن، وحسن المعاملة، والله إنني أتشوق ليناديني أبي تعالي لنتكلم، أو أن يسألني عن دراستي، حتى الشهادات المدرسية لا يراها، يسأل فقط عن إخوتي، ولا يهتم بي كثيرا، ولا يسمع شكواي، خاصة أنني حسب الترتيب بالعائلة ضعت؛ لأنه توجد بعدي أخت عندها إعاقة فيهتمون بها وينسونني.

لو كتبت أياما لن أستطيع أن أصف حالتي بالبيت؛ بسبب عدم إعطائي الحنان الكافي، فأرجو منكم مساعدتي بتطوير علاقتي بأبي، والله إني بدأت بكرهه فماذا أفعل؟ أرجوكم أن تعطوني استنارة واستشارة.
وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الابنة الفاضلة/ نور حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله لك السداد والرشاد، ونفع بك وبأسرتك البلاد والعباد.

فإن استجابة الوالد التامة لطلباتك دليل على أنك عنده درة غالية، فالرجل يعبر عن مشاعره غالبا بما يقدم، ولكن حاجة الأنثى إلى العاطفة لا تقل عن حاجتها إلى الطعام أو الشراب أو اللباس، ونحن نتمنى أن تدرك البنات والزوجات أنهن في أرفع المنازل، ولكن الخلل في طريقة التعبير عن تلك المشاعر، فالتمسي لوالدك العذر، واسعدي بما وهبك الله من حجاب والتزام، واشكري الله الذي أعطاك أبا لا يتوقف عن طلباتك، وهو مع ذلك ولله الحمد ملتزم بشرع الله.

و لا يخفى عليك أن الوالد مطالب بأن يعدل بينك وبين إخوانك في عواطفه، ومطالب كذلك بأن تكون الجرعة معتدلة، فإن شده الارتباط العاطفي بأحد الوالدين قد يجلب الأتعاب للفتاة والوالدين، وربما كانت سببا في الفشل في الحياة الزوجية مستقبلا، ولا يستطيع أن يتحمل المزاحمة في هذا الجانب، ومن هنا فنحن نفضل أن تكون الجرعات الكبيرة للفتاة الصغيرة، على أن تتناقص هذه الجرعات مع كل عام تكبر فيه الفتاة في مقابل الزيادة في جرعات القلة، وليس معنى ذلك أن تنعدم العواطف، فإن الصديق رضي الله عنه دخل على عائشة رضي الله عنها بعد زواجها من رسولنا صلى الله عليه وسلم فقبل خدها وقال لها "كيف أنت يا بنية".

ومن الضروري أن يعرف الآباء أن الفتاة في مراحل البلوغ تحتاج لشيء من العواطف، ولكن أحيانا، وذلك لأن مراهقة الفتاة لا تخلو من الاضطراب، فهي أحيانا تريد أن تشعر أنها أصبحت أمرأة، ليس لأحد أن يتدخل في حياتها ولا في صديقاتها ولا في تصرفاتها، وأحيانا تريد أن تعامل كطفلة مدللة وهذا الشعور طبيعي في هذه المرحلة.

وأرجو أن تعلمي أن الصديقات لا يذكرن إلا الجانب المشرق، ويسكتن عن الجوانب الأخرى، وغالبا ما يبالغن في وصف مشاعر الآخرين تجاههن، كما أن البيئة المحافظة والبيوت الطاهرة تكون العواطف فيها محتشمة، ولكننا نحتاج إلى مزيد من التعبير عن العواطف الحلال والمشاعر النبيلة، لأننا في زمان أصبحت فيه العواطف المحرمة تبذل في الشواطئ والشاشات، وهي لون من الأكاذيب التي لا يحبها سوى الحشرات، والخطورة في الأمر هو أن الفتاة سريعة التأثر بالكلام المعسول الذي يسمعنه (والغواني يغرهن الثناء) وقد تسبب هذا الأمر في سقوط الكثير من الضحايا ويعصم الله أهل الإيمان والحشمة بتوفيقه، ثم بإيمانهم بالله ورفضهم لما يغضبه، وقد ثبت للجميع أن العواطف المحرمة من أهم أسباب المشاكل الزوجية وهي مسؤولة بدرجة كبيرة عن صور الفشل الذي تزداد أرقامه يوما بعد يوم.

ونحن نتمنى أن تكوني قريبة من والدك بارة به، وشاركيهم في الاهتمام بأختك صاحبة العذر، فإن ذلك يسعد والديك ويظهر ما عندك من خلق، ولا تلومي من يهتم بأختك المذكورة.

وأنت ولله الحمد مستنيرة، فلا تكرهي والدك، والتمسي له الأعذار، فإن لم يظهر لك عذر فقولي لعل له عذرا لا أعرفه، ولست أدري كيف علاقتك بالوالدة؟ ونحن نتمنى أن تلفت نظر الوالد إليك، ولعل من السهولة أن تكتشفي أن والدك يحبك، ولكنه لا يحسن التعبير، فهو لا يرضى أن يراك مريضة، ولن يقبل أن تكوني حزينة، ويمكن أن يدخل في معركة إذا حصلت لك – لا قدر الله- إساءة، وقد ذكرت أنه لا يرد لك طلبا.

ومما يعينك – بعد توفيق الله – على تطوير علاقتك بالوالد ما يلي:

1- اللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاه.

2- الاقتراب من الوالد وكسر حاجز الحياء.

3- المشاركة في تقديم الطعام والشراب له.

4- سؤاله عن أحواله وصحته وعن الأشياء التي ترضيه.

5- إشعار الوالد بمعاناتك حتى تصل مشاعرك للوالد.

6- شكره على كل خطوة إلى الأمام.

7- إخباره بما يتحقق لك بتوفيق الله من نجاح وفلاح.

8- زيادة البر والاحترام.

9- الإحسان إلى إخوانك وأهل بيتك.

10- الاجتهاد في طاعة الله، فإن ثمرة الطاعة المحبة في قلوب الخلق، قال تعالى: (( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا ))[مريم:96].
مع ضرورة عدم إعطاء الأمر أكبر من حجمه، والتماس العذر؛ لأن معظم العرب يتحرجون من إظهار العواطف، وقد يكون الحرج عند الملتزمين أكثر، ونحن نتمنى تصويب هذا الخطأ، ولكن الأمر يحتاج إلى وقت ووعي، فعليك بالصبر والتقوى، ومرحبا في موقعك، وكلنا آباء وإخوان نتمنى لك الخير والسداد.

والله الموفق.


مواد ذات صلة

الاستشارات