سوء الظن، والشكوك، سبب لتدمير العلاقات الأسرية

0 3

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة صغيرة، بعمر 15 سنة، والدتي إنسانة محترمة جدا، ملتزمة بالصلاة والصيام، وتلبس الحجاب، كما أنها ربتني على الأخلاق الحسنة، مشكلتي بدأت عندما كنت في العاشرة من عمري؛ حيث بدأت أشك في والدتي بأنها تتحدث مع شخص ما، والسبب في ذلك هو أن والدي كان يراقب سجل البحث الخاص بها، وأرادت أن تتأكد مما إذا كان يتجسس عليها، فكتبت في البحث شيئا مثل: "زميلي في العمل معجب بي"، حتى يرى والدي ذلك وتتأكد من أنه يراقبها، لكن -للأسف- أنا من رأيت هذه الكتابة في البحث، وليس والدي، ومنذ ذلك الوقت بدأت تراودني الوساوس.

كنت أصر على الذهاب إلى عملها، وعندما ذهبت لم أجد أي دليل على شكوكي، بل على العكس، لاحظت أن الجميع يحترمها، ولا أحد يمازحها من الرجال، حتى لو كانوا يمزحون مع غيرها، بقيت سنة كاملة أعاني من هذه الوساوس، إلى أن بدأت تخف تدريجيا.

منذ فترة، حدثت مشكلة مع إحدى صديقاتي، جعلتني أعيد التفكير في الأمر، فقد اكتشفت أن والدة صديقتي تتصرف بشكل خاطئ، وهذا جعلني أركز على تصرفات أمي أكثر من اللازم، أصبحت ألاحظ أدق التفاصيل، مثل: وضع بودي سبلاش عند ذهابها إلى العمل، وأبدأ بالتفكير أنها قد تضعه لهدف آخر! رغم أنها انتقلت إلى عمل جديد لا يوجد فيه رجال، لأن الإدارة بالكامل من النساء، باستثناء يوم واحد في الأسبوع يكون فيه تفتيش من رجال الأمن، كما أن صديقاتها يضعن العطر أيضا، لكنني أصبحت أخفيه عنها حتى لا تستخدمه، عندما تنزل من المنزل، لا تكون الرائحة واضحة، لكن تبقى في أرجاء الشقة، وعندما أكون معها خارج المنزل، لا أشعر بأي رائحة واضحة، ولكن رغم ذلك، ما زالت لدي شكوك.

أصبحت أستيقظ مبكرا معها لأراقب تصرفاتها، وأرى مع من تتحدث، وأحيانا أتنصت عليها! ورغم أنني مواظبة على الصلاة، إلا أنني أشعر بالحزن والضيق الشديد، وأحتاج إلى حل لهذه المشكلة.

أرجوكم أفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ آلاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -ابنتنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك وأن يقدر لك الخير حيث كان.

أولا: نحمد الله تعالى أن رزقك هذه الوالدة الصالحة، التي تدل كل أفعالها على أنها تقية عابدة، نسأل الله أن يزيدها إيمانا وتقوى.

ثانيا: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق، وقد استغل فيك رغبتك كشف ما خفي عنك، أو ما توهمت أنه قد خفي عنك، وجعل هذا هدفا، أو الهدف الذي ينبغي أن تعيشي لأجله، وقد تلاعب بك الشيطان منذ طفولتك، إلى أن أوصلك إلى تلك الحالة السيئة، التي يجب أن تستعيذي بالله منها، وأن توقفيها فورا، وإلا كانت وبالا عليك.

ثالثا: كل الدلائل التي ذكرتها لاتهام والدتك، مصدرها الشيطان، ونفسك، وسوء ظنك، وهذا لا بد أن يعالج فيك، وقد تسألين: كيف ذلك؟ وللإجابة على ذلك، دعينا نخبرك هذه القصة التي تبرز حديثنا:
يحكي أحد الرجال قصة له مع جاره يقول فيها: استيقظت ذات يوم للعمل في الحقل، ولكن لم أجد فأسي الجديد، بحثت عنه في كل مكان فلم أجده، قلت في نفسي لقد سرق، وما سرقه إلا جاري؛ لأنه الوحيد المستفيد من الفأس، فاستيقظت أبكر منه وأخذت أراقبه، وكانت المفاجأة، لقد خرج من بيته يلتفت التفاتة سارق، والمشية مشية سارق، فأخذت أسير خلفه إلى أن دخل مكانا وغطاه، فعلمت أنه وضع الفأس في هذا المكان، وقلت: غدا أستيقظ قبله وأذهب إلى المكان وآخذ فأسي، ولما عدت إلى بيتي، قالت لي زوجتي: وجدت الفأس في غرفة المعيشة، فتذكرت أني من خبأته في هذا المكان، وفي الصباح خرج جاري، بنفس الهيئة ونفس الالتفاتة، لم تكن هيئته هيئة سارق، ولا التفاته التفاتة سارق، فعلمت أني أنا السارق!

هكذا -أختنا- حالك مع والدتك، أنت تقتنعين بأمور ثم تسقطينها عليها، والشيطان له دور، وحتما ستجدين أمورا تفسر على النحو الذي توهمته، لذا ننصحك بما يلي:

1- الاستعاذة بالله مما كان، والاستغفار والتوبة.
2- عدم التجسس على والدتك، لحرمة ذلك أولا؛ ولأنه يغضب الله عليك؛ ولأنه يعجل بكشف ستر الله عليك، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته).

3- التوقف الفوري عن إساءة الظن، والانشغال الدائم بعيوبك أنت، فأنت مكلفة بإصلاح نفسك، لا بمراقبة والدتك ولا غير والدتك، وكلما انشغل الإنسان بإصلاح عيوبه، كلما قل تتبعه للغير.

نسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات