زوجي يشتمني ويسيء إلي ولا يقدر جهدي وتعبي!

0 12

السؤال

زوجي لا يقدر تعبي، وأنا أصرف كل راتبي على دراسة الأولاد وقرض السيارة، دائما يهاجمني ويقلل من قيمتي، ويصفني بأني زوجة غير مسؤولة، وخائنة، مع أني أصون بيتي وعائلتي، خاصة وأن ولدي لديه توحد، يدرس على حسابي الخاص، وأدرسه في المنزل أيضا، وأنا من يصطحب الأولاد للمدرسة يوميا، وآخذهم في نزهة، وأقوم بجميع الأعمال المنزلية، مع العلم أني مصابة بمرض تيبس الفقرات، وهو لا يهتم، دائما ينتقدني، ويقلل من شأني، ولا يعجبه طبخي، ولا أي شيء.

أنا دائما أسعى لأحسن في منزلي ومعيشتي، وأشتري ما ينقصني، وأساعده في كل شيء، دائما ما يعايرني بألفاظ سامة، مع أني محجبة ومصلية قبل الزواج.

منذ 10 سنوات وهو لم يتغير أبدا، ودائما يقول: حياتي بدونك أفضل، يبحث عن النواقص، ولم ينطق اسمي لمرة، ولم يشكرني لمرة، هو يصلي ولا يفوت فرضا، لكن لا نتفاهم أبدا، وحقيقة فإني أصيح بصوت عال، لأني متعبة من العمل والأولاد، وهو لا يرى لي معروفا، حتى أنه أراد ضربي، لولا أني هربت منه.

في كل مرة أقول: أريد ترك المنزل والطلاق، وأخاف على أولادي، وليس على نفسي، فأنا لي راتبي -والحمد لله- ولي سيارتي، أخاف على أولادي من الضياع، علما أني عندما كنت في المنزل بدون عمل، كنت آخذ من أخي وأختي لآخذ ابني للطبيب، ودائما نحن محتاجون، ومنذ أن عدت للعمل -والحمد لله- تحسنت الظروف، وصرنا لا نستلف ولا نأخذ صدقة من أحد، فأنا أعول العائلة، المشكلة أنه لا يتغير، نفس الشيء من الشتائم والشك، تعبت من حياتي معه، حتى الحوار لا يتحاور معي، أريد نصيحة، ولكم الأجر من الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ كريمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يفرج عنك، ويصلح زوجك، ويرده إلى الحق ردا جميلا.

نقول أولا -أختنا العزيزة- أنت مصيبة كل الإصابة في خوفك على أولادك، وتفضيلك البقاء معهم، رغم كل هذه المعاناة، والله سبحانه وتعالى قد أرشد في كتابه العزيز المرأة التي تخاف تقصير زوجها؛ أرشدها إلى الإصلاح والتغاضي عن بعض حقوقها، تفاديا لتفرق الأسرة، وأخبر سبحانه وتعالى أن سلوكها هذا خير من الفراق، فقال جل شأنه: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير} [النساء: 128].
فتغاضيك عن حقوقك، وإسقاطك لشيء كبير منها، وتحملك لكل هذه المعاناة في سبيل الحفاظ على أبنائك هو عين الصواب، وهو مظهر من مظاهر توفيق الله تعالى لك، وإجراء الخير على يديك.

ونحن نطمئنك أولا -أختنا العزيزة وابنتنا الكريمة- إلى أن هذه المعاناة التي تعيشينها ليست ضائعة في ميزان الله تعالى، فإن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا، والمعاناة اليسيرة في الدنيا تعقبها مسرات كثيرة في الدار الآخرة، قال صلى الله عليه وسلم: (ما يصيب ‌المسلم ‌من ‌نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه).

والمصائب التي نصاب بها في هذه الحياة هي في حقيقتها منح إلهية، يهديها الله تعالى لنا، لما ينتج عنها من عواقب حسنة، المصيبة ليست إلا تكفيرا للذنوب والسيئات، أو رفعة للدرجات، وزيادة في الحسنات، وهذه الحياة التي نعيشها في هذه الدنيا قريبة الزوال سريعة الانقطاع؛ فإذا تذكر الإنسان أن هناك حياة أطول بعد هذه الحياة، وأنه سيجني ثمرة صبره، وأن الله تعالى يجزي الصابرين بغير حساب، وأن عاقبة الصبر هي الخير، إذا تذكر كل هذه الحقائق هان عليه ما يلاقيه في هذه الحياة من أكدار، وسهل عليه تحمل ما يلاقيه فيها من أحزان.

فتذكري أنت دائما هذه المعاني الجليلة، واعلمي أن كل درهم تنفقينه على أولادك وعلى نفسك فإنه مدخر لك عند ربك، وأفضل دينار ينفقه الإنسان هو الدينار الذي ينفقه على أهله وعلى نفسه، كما شهدت بذلك الأحاديث الكثيرة عن النبي (ﷺ).

وزوجك وإن أساء كل هذه الإساءة، فإنه مع ذلك كله لا ينبغي أن تيأسي من صلاحه، فحاولي تذكيره بالطرق الهادئة، وحاولي الاستعانة بكل وسائل التأثير عليه، بنصحه، وتذكيره بالله تعالى وبلقائه، وتذكيره بحق أولاده عليه. استعيني على ذلك بمن لهم تأثير عليه من الأقارب، وحاولي أن تسمعيه المواعظ بطريقة غير مباشرة، وأكثري من الدعاء بأن يصلحه الله تعالى، ويرده إلى الحق ردا جميلا.

ولكنك إذا لم تطيقي البقاء معه على هذا الوضع فإنه يجوز لك شرعا أن تطلبي فراقه، والأبناء والبنات إذا كانوا صغارا فإن لك الحق في حضانتهم، لكن إن خشيت وقوع مفاسد أخرى كاعتدائه عليك بما لا تقدرين دفعه عنك، أو أخذه للأولاد قهرا عليك، ونحو ذلك من المفاسد؛ فنصيحتنا لك أن تصبري وتحتسبي أجر هذا الوضع الذي قدر فيه لك أنواع من الآلام والأحزان، حتى يفرج الله تعالى عنك.

خير ما نوصيك به تحسين علاقتك بالله، والإكثار من دعائه، واللجوء إليه، والمحافظة على فرائض الله تعالى، وسيجعل الله تعالى لك فرجا. نسأل الله تعالى أن ييسر لك كل عسير.

مواد ذات صلة

الاستشارات