السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة عمري 25 سنة، منذ فترة طويلة ما يقارب 4 سنوات تحديدا، تعرفت على شخص من خارج بلدي وأحببته وأحبني حبا صادقا، وهو شخص على دين وخلق وتعليم، وعرفت أهله وكل معلوماته، ومن بداية العلاقة كانت النية الزواج، واتفق مع أهله ليخطبني، لكن أهلي وأخي تحديدا وأمي لم يوافقوا، وأبي توفي رحمة الله عليه.
أخبرني أخي أنه من حقه أن يرفض، وليس من حقي أنا الاعتراض، وقال: إن هذا الشرع ويجب أن أطيع أوامره، وحرام علي الاعتراض، فرفضه بحجة أنه لا يعرف كيف يسأل عنه في بلده؛ لذا من باب الاطمئنان والضمان لن يوافق عليه.
حاولت أن أقبل بغيره وأتزوج غيره لكن لم أقدر، وفي كل مرة كنت أضغط على نفسي لدرجة أني تعبت، حتى أيقنت أني لن أتزوج ما دام قلبي متعلقا به.
أنا الآن أتعذب وأبكي يوميا، وأدعو كل يوم، لدرجة أصابني الضغط في رأسي من كثرة التفكير والتعب والحزن -وأقسم بالله- رغم أني حاولت أن أخرج نفسي من هذا الحزن وتعلقت بربي أكثر وصلاتي والقرآن؛ إلا أن قلبي في حزن دائم، ولا زلت حزينة رغما عني.
أريد أن أعرف هل حقا يحرم علي رفضي لقرار أهلي والاعتراض عليهم؟ وهل من حقهم منعي من الزواج بمن أحب؟ وإذا كان الجواب لا، فكيف أقنع أهلي بالزواج ممن أحبني وأحببته؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك – ابنتنا العزيزة – في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرزقك زوجا صالحا تقر به عينك وتسكن إليه نفسك.
ثانيا: نحن ندرك –ابنتنا الكريمة– مدى المعاناة التي تعيشينها، ولكن في الوقت نفسه نحب أن نلفت انتباهك إلى أن نظر أهلك في اختيار الزوج لك لا ينبغي أن تهمليه، وغالبا يكون رأي الجماعة أقرب للصواب من رأي الإنسان المنفرد، والله تعالى فطر الأم على الرحمة بابنتها وإرادة الخير لها، فالغالب أن الأم لا تعاند ابنتها فيما تراه مصلحة لها وخيرا، وأما الأخ فقد يكون كذلك إذا كان أكبر منك سنا وكان حريصا على مصلحتك، وهذا أنت تعرفينه من خلال حياتك، هل بينك وبينه عداوة أو ليس بينك وبينه عداوة؟ هل يريد التعنت وإدخال المشقة عليك وحرمانك من مصالحك أم لا؟ فإذا كان الأخ لا يتصف بهذه الصفات، فمعناه أنه ينظر إلى أمرك بنظر لا يخلو من النظر في المصلحة.
لهذا كله نحن ننصحك بأن تعيدي النظر جيدا في قرار أهلك، وأن تتأملي في أمرك في هدوء وروية وعدم استعجال، وألا تسمحي لمجرد الحب والتعلق بهذا الرجل أن يهيمن على قرارك، ومما لا شك فيه أن الزواج برجل من غير أهلك ومن غير بلدك محفوف بكثير من المخاطر، صحيح أنه قد ينجح في حالات كثيرة؛ ولكن في حالات أكثر ربما يكون محفوفا بكثير من الأضرار عليك في المستقبل.
والواقع ينبئنا عن حالات كثيرة فيها اغترار لكثير من الفتيات بشخص يظهر الحب والتعلق والحرص على الزواج، وغير ذلك من المعاني التي تحبها الفتيات، ثم بعد أن يمضي منها وقتا قد يطول وقد يقصر؛ يرميها وحيدة، تقابل الحياة وأعباءها وثقلها بمفردها، وربما يكون الأمر قد فات تدارك حياتها الزوجية، وربما ترك معها أطفالها، والحالات الواقعية التي تبرهن هذا كثيرة جدا، أنت ربما لا تعرفينها، لكن من يتصدى لأسئلة الناس واستشاراتهم – كموقعنا – يدرك المختصون في حالات كثيرة جدا من هذا القبيل.
هذا كله نذكره لك حتى يخفف وطأ هذه الحالة التي تعيشينها، وحتى تستطيعي المقارنة الصحيحة، وتوقع المستقبل بشكل صحيح.
ومع هذا كله نقول: إذا كنت شديدة التعلق بهذا الرجل، ومستعدة لتحمل ما قد ينتج عن هذا الزواج في المستقبل؛ فننصحك بأن تحاولي إقناع أمك بقدر الاستطاعة، واستعمال وسائل التأثير عليها، بأن تتكلمي مع من تقبل أمك كلامهم ونصيحتهم من الأقارب، -غير الأخ- وتحاولي أن تقارني لها بين حالاتك عندما ترفضين هذا الزوج وفرص الزواج بغيره، وشدة التعلق به، فلعلك تصلين مع أمك إلى قرار يرضيك.
فإذا لم تصلي إلى ذلك فنصيحتنا لك ألا تخالفي أمك، فإن كثيرا من فقهاء المسلمين يقولون: يجب على الولد أن يطيع والديه إذا منعاه من الزواج بشخص معين.
ومع هذا يبقى الأمر أن ثمة من الفقهاء من يجيز هذه المخالفة، إذا لم يعد الأمر على الأهل بنقص أو عيب أو تعيير، وذلك إذا كان كفؤا لها، وهذه الأمور كلها يقدرها القاضي الشرعي، فإذا اتخذت قرارا بسلوك هذا الطريق، فمن حقك أن ترفعي أمرك إلى القاضي الشرعي في بلدك، ليقدر الأمور ويتخذ القرار المناسب.
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان.