السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب عمري أرجو من الله أن يرزقني الزواج بابنة خالي، وأدعوه كثيرا أن يجعلها زوجة لي، ويجعل فيها الخير. اكتشفت أن ابن عمتي يريد الزواج بها، وكان يأخذ رأيي فيها ويسألني عنها، ولعلمي بأنه يفكر بها، ويسأل هل يجعلها من ضمن اهتماماته ويبادر بحجزها؟ فأوضحت له أنها غير مناسبة؛ لأنه من الريف، وهي من المدينة، علما أنها من نفس مدينتي، وتعمدت أن أجعل الموضوع صعبا عليه خوفا من أن أفقدها، كما أنني على دراية بأن معظم الزيجات التي يكون فيها الزوج من الريف والزوجة من المدينة تواجه مشكلات بسبب اختلاف الثقافات، فهل هناك دعاء يمكنني قوله ليجعلها الله من نصيبي ويكتبها لي، ويبعدها عنه؟
كما أنني أتساءل: أم الفتاة تكون ابنة عمتي، وابنة خالة الوالد، فهل هناك محظور شرعي يمنعني من الزواج بها؟ كما أنها ليست أختي في الرضاعة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.
نحن نتفهم حديثك، وندرك ما أنت فيه من حصار نفسي، أنت من أحكمت سلاسله وأغلاله، وجعلت نفسك في دائرة ضيقة، ما كان لك أن تضع نفسك فيها، فاستمع لنا بهدوء.
أولا: قدر الله ماض لا محالة، وهذه الفتاة الصغيرة مكتوب زوجها من فوق سبع سماوات، قبل أن يخلق هذا الكون كله بخمسين ألف سنة، فإن كانت في علم الله لك فستكون لك بلا تعب ولا إرهاق نفس، وإن لم تكن لك، فلو جمعت الدنيا ومن فيها لن تكون لك، فاطمئن.
ثانيا: أقدار الله لا تنفك عن حكمته جل شأنه، فما قدره الله لك هو الخير لك، وإن توهمت غير ذلك، وما صرفه الله عنك هو الخير لك وإن ظننت عكس ذلك، ولعل هذا بعض قول الله تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
ثالثا: العرب تقول: ثبت العرش ثم انقش، فلا يعقل قط أن تتحدث عن الزواج، وأنت بعد لم تعد له عدته، فأنت غالبا لم تكمل دراستك، ومن الطبيعي أنك ستحتاج إلى سنين للاستعداد للزواج، ومع ذلك حاصرت نفسك بطلب ما لا تقدر عليه، وما لا صبر لك عليه، وهذا هو الشقاء الذي أدخلت نفسك فيه.
رابعا: من الأخطاء التي يقع فيها البعض أنهم لا يدركون أن الإنسان قبل الخامسة والعشرين ليس كما بعد الخامسة والعشرين، أمور كثيرة تتغير فيه، وقناعات كثيرة يتخلى عنها، وبعض ما كان يراه قبيحا صار ممدوحا، والعكس كذلك، فإذا ما توهم أحدهم وهو صغير السن أن النجاة في الزواج من فلانة، وظل يعاني الآلام طلبا لذلك، فسيقع فيما يلي:
1- تأخر دراسته أو نتائجه؛ لأنه مشغول الفكر والعقل.
2- اضطرابه النفسي وشروده الذهني، بل بعضهم يدخل في حالة اكتئاب شديدة.
3- تكاسله عن العمل حتى إذا كانت الفتاة التي يحب على وشك الزواج، فسيجد نفسه بلا عمل يسانده، ولا مال يسنده، وهذا هو الألم الحقيقي.
خامسا: إننا ننصحك -أخي- بترك التفكير في هذا الأمر بالكلية، والاستعداد الفوري للانتهاء من دراستك وعملك، فإذا أنهيت ذلك واستعددت للزواج؛ فانظر بعد ذلك إن كانت موجودة وكانت هي طموحك فتقدم لها، وإن كانت موجودة ولكن ظهرت لك من هي أفضل لك منها فتقدم للأفضل، وإن لم تكن موجودة فاحمد الله أنك لم تجلس هذا العمر تنتظر بلا هدف، وكن على يقين بأن الخير خلفك ما دمت متمسكا بتدينك عاضا على دينك.
لا ننصحك بالحديث إلى الفتاة لا تصريحا ولا تلميحا، فإن هذا لا يحل، أما بالنسبة لحكم الزواج من ابنة بنت عمتك فجائز.
نسأل الله أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، والله الموفق.