السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا ديما من فلسطين، متزوجة وأم لطفلة عمرها 9 أشهر.
مشكلتي هي: أني لا أحب زوجي، ولا أشعر أننا مثل أي زوجين، زوجي يهملني كثيرا، ودائما مشغول بهاتفه، أو بلعبة البلايستيشن، ولا يتحدث معي أبدا، وعندما رأيته هكذا أصبحت زوجة صامتة، لا أهتم له، ولا أتحدث معه، فيسألني ما بك؟ فلا أجيبه، وطبعا لكل فعل ردة فعل؛ فلا تحدث علاقة حميمية بيننا مثل أي زوجين، وآخر مرة كانت منذ 6 أشهر.
عندما أسأله عن السبب؟ يقول: إنه لا يوجد سبب، فقط لديه عمل في الغد، ويفضل أن يذهب إلى أصدقائه على أن يقضي وقتا معي -وهذا منذ بداية زواجنا-، وعندما كنت أتزين له وأكون بشوشة معه يقابلني بإهمال، ويقول لي: أنا أحبك، وأنت دائما تقابليني بوجه عابس، وأنا أريد عندما أعود من العمل أجدك هكذا بشوشة متزينة.
وأقسم بالله أني أحاول، ولكن لا أستطيع بسبب إهماله وهجرانه لي بلا سبب، غير صراخه علي بسبب ضغوطات العمل، وعندما أريد أن أشتري شيئا لي من ملابس وعطور ومكياج، وطبيعتي أني لا أحب أن يصرف علي أحد، أحب أن أقتني أشيائي بمالي وبتعبي، مع أني لا أعمل حاليا، ولا أحب أن يمن علي؛ لأنه هو هكذا.
غير ذلك فزوجي ضعيف الشخصية تجاه أهله، ولا يرفض لهم طلبا ولو على حسابنا أنا وابنتي، ويجبرني أن أذهب إلى أهله، ويرفض أن أذهب زيارة لأهلي، فهل له الحق في ذلك؟
أنا أفعل ذلك؛ لأن أهله أناس طيبون، وأحبهم، ولا أتضجر من هذا، ولكن أهلي لهم حق علي أيضا، وسؤالي: هل أنا مخطئة بأسلوبي هذا مع أني لا أقصر في حقه من: الطبخ، وتنظيف البيت؟ وهل هو آثم بمعاملته لي هكذا؟
أريد حلا؛ لأنني أفكر بالانفصال، ولا أريد أن أعيش هكذا بقية حياتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Dima حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله تعالى أن يرزقكما المودة والألفة، ويديم بينكما المحبة.
نرى أن الله تعالى قد رزقك زوجا طيبا، وأسرة كريمة طيبة بحسب وصفك، فزوجك يصرح لك بأنه يحبك، ويتمنى أن يجد فيك ما يذهب عنه ضغط أعماله وأشغاله، وإن كان واقعا في شيء من التقصير في حقك، كما هو واضح من كلامك، ولكننا ننصحك ونؤكد هذا النصح أن تكوني عاقلة بالقدر الكافي، متأنية، تعالجي أمورك بهدوء وروية، دون أن يستخفك الشيطان ويدفعك نحو مزيد من الكراهية والبغضاء لزوجك، فضلا عن أن يجرك إلى اتخاذ مثل هذا القرار الذي تتكلمين عنه، وهو قرار فراقك لزوجك.
ونحن ندرك تمام الإدراك أن وساوس الشيطان وحيله، وكيده ومكره يعملان بجد لإضرام نار الكراهية في قلبك تجاه زوجك، فهذا أقصى ما يتمناه الشيطان؛ فإنه حريص كل الحرص على التفريق بين الزوجين، وهدم الأسرة بعد بنائها، وهذا ليس كلاما إنشائيا نقوله، ولكن رسولنا الكريم (ﷺ) أخبرنا في أحاديث كثيرة عن هذا الكيد الشيطاني، وأن الشيطان يبعث سراياه وجنده كل صباح لإغواء بني آدم، وأن أحبهم إلى قلب شيطانهم الكبير هو من يأتي ويقول: (فرقت بين فلان وزوجته) هذا أحب الجنود إليه.
ومن المؤكد أن الشيطان لن يصل إلى هذه المرحلة إلا بعد أن يصنع مشاعر الكره والبغض بين الزوجين والملل عند كل واحد منهما للآخر، فينبغي أن تكوني متيقظة منتبهة لهذه المعاني، وأن تدركي تمام الإدراك أن الأزواج لا يخلو واحد منهم من معايب ونقائص، ولكن كما قال الشاعر: ...........حنانيك بعض الشر أهون من بعض
والعاقل هو الذي يقارن بين محاسن الإنسان ومساوئه، وهذا الخلق أرشد إليه النبي (ﷺ) في التعامل بين الزوجين، فقال كما في صحيح مسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر، أو قال غيره.
فهذه المقارنة تدفع الإنسان نحو اتخاذ القرار السليم، وتمنعه وتحميه من التهور والاستعجال في اتخاذ قرار يندم عليه في المستقبل، فاحذري كل الحذر من أن تقعي فريسة لمشاعر الكراهية فيجرك الشيطان إلى اتخاذ قرار يضر حياتك المستقبلية، ويضر طفلتك، وتندمين عليه، وربما في وقت لا يفيد فيه الندم.
حاولي التجديد في حياتك، والصبر على زوجك بقدر استطاعتك، حاولي أن تجددي أسلوب تعاملك مع زوجك، وأن تدركي أن الله تعالى أنعم عليك بالزواج، ورزقك هذا الزوج، بينما غيرك لا تحصى عددهن من النساء يتمنين أن يكن في نفس المكان الذي أنت فيه، وهذا الشعور يدفعك لنحو الحفاظ على هذه النعمة وشكرها بالمحافظة على زوجك.
تذكري أنك أم لطفلة، وأن هذه الطفلة قد تتعرض لأنواع من الضياع والشتات إذا فارقت زوجك.
إلى غير ذلك من المفاسد التي تدفعك نحو الإعانة على تجديد حياتك مع زوجك، اصبري، فالصبر عاقبته حسنة، وقد قال الشاعر:
الصبر مثل اسمه مر مذاقته،،،،،،لكن عواقبه أحسن من العسل
حاولي أن تتجملي لزوجك، وأن تحسني التبعل له، وأن تصبري عليه، وبادئيه أنت بما يجلبه نحوك، وستجدين -بإذن الله تعالى- تغيرا في سلوكه.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يدفع عنك كل سوء ومكروه.