السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالبة في السنة الرابعة في الجامعة، طول مراحلي الدراسية أحصل على علامات سيئة، رغم ذلك أنجح ولا أعيد السنة، لكن لما دخلت الجامعة أصبحت أجتهد وأقاوم وأهتم، ورغم تعبي وسهري حتى الفجر كل يوم -أحيانا أتعب وأستسلم- فنتائجي دائما سيئة، ومرات فقط أحصل على قبول، ودائما إما أن أنسى قانونا ما، وإما أن لا أفهم، وما لم أفهمه فهو مشكلة أخرى!
مهما بذلت من جهد دائما لا أتوقع النجاح، وهذه السنة أقترب من الرسوب، وزملائي دائما أفضل مني، رغم قولهم إنهم بذلوا جهدا أقل.
أنا قلت ربما السبب هو المحرمات، فهي سبب هذا السخط فأنا أقاوم، وتركتها كلها، وعسى أن يوفقني الله، رغم أن تخصصي لم أختره، بل أجبرت عليه، وأفكر في "ربما لأني لا أنتمي لهذا المكان"، لكن أليس هذا قدري؟ ألسنا نسير وفق أقدارنا؟ لماذا أشعر أنه فوق طاقتي؟ إن الله يقول: (لا يكلف نفسا إلا وسعها)، مرات أتعب جدا، وأتوقف عن الدراسة، وأشعر دائما أني أغبى من الآخرين، ولا أعلم ماذا أفعل! هل المحرمات هي السبب أم أني أقل دهاء من الآخرين فحسب؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان وبعد:
بخصوص ما تفضلت به فإننا نحب أن نبين بعض النقاط:
أولا: لا شك أن للمعاصي دورا فيما ذكرت، فقد ذكر ابن القيم رحمه الله آثار شؤم المعصية على العبد وعدد منها:
1- حرمان العلم: إذ العلم نور يقذفه الله في القلب، والمعصية تطفئ ذلك النور، ولما جلس الشافعي بين يدي مالك وقرأ عليه أعجبه ما رأى من وفور فطنته، وتوقد ذكائه، وكمال فهمه، فقال: إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورا، فلا تطفئه بظلمة المعصية.
2- حرمان الرزق، ففي مسند الإمام أحمد عن ثوبان قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: (إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).
3- وحشة تحصل للعاصي بينه وبين ربه، وبينه وبين الناس، قال بعض السلف: "إني لأعصي الله، فأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي".
4- تعسير أموره عليه، فلا يتوجه لأمر إلا ويجده مغلقا دونه أو متعسرا عليه، وهذا كما أنه (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا).
5- العاصي يجد ظلمة في قلبه، يحس بها كما يحس بظلمة الليل، فتصير ظلمة المعصية لقلبه كالظلمة الحسية لبصره، فإن الطاعة نور، والمعصية ظلمة، وكلما قويت الظلمة ازدادت حيرته حتى يقع في البدع والضلالات والأمور المهلكة، وهو لا يشعر، كأعمى خرج في ظلمة الليل يمشي وحده، وتقوى هذه الظلمة حتى تظهر في العين، ثم تقوى حتى تعلو الوجه، وتصير سوادا يراه كل أحد، قال عبد الله بن عباس: "إن للحسنة ضياء في الوجه، ونورا في القلب، وسعة في الرزق، وقوة في البدن، ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة سوادا في الوجه، وظلمة في القلب، ووهنا في البدن، ونقصا في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق".
لذا عليك -أختنا- بمحاصرة هذه المعصية، وذلك بمعرفة الأسباب التي توقعك فيها، ثم إزالة تلك الأسباب، ويعينك على ذلك ما يلي:
1- كثرة الاحتماء بالله عز وجل، والاجتهاد في أي يكون لك ورد ثابت من القرآن والذكر، وخاصة أذكار الصباح والمساء.
2- ابتعدي عن الفراغ، فإنه رأس كل مصيبة.
3- أوجدي لك صحبة صالحة، فإنها معينة على الطاعة.
4- أكثري من الدعاء لله أن يصرف عنك تلك المعاصي وأن يحببك في الدعاء.
5- استعيني بعد الله بدعاء والديك، وأكثري التقرب منهما أكثر.
ثانيا: كذلك -أختنا- هناك عامل آخر مساعد، وهو شعورك بأنك مجبرة على دخول تلك الكلية، وهذا يجعل الهمة منصرفة عن المذاكرة، والتركيز مفتقد مع المذاكرة.
القاعدة المنجية: إذا لم يكن ما تريد، فأرد ما يكون، لذا عليك أن تجتهدي في محبة تخصصك، وتجديد النية دوما حتى يكون العمل لله، والمذاكرة مأجورة عليها.
ثالثا: أحيانا ما تكون طريقة المذاكرة أحد الأسباب، ولذا دعينا ندلك على أفضل الطرق العملية في المذاكرة:
1- قسمي المقررات كلها إلى:
- صعب يحتاج إلى جهد.
- متوسط الصعوبة.
- متفهم.
اجعلي بعد مذاكرة المادة الصعبة: مادة متفهمة، ثم متوسطة، ثم متفهمة، ثم صعبة، وهكذا كلما تم إجهاد العقل بمادة مرهقة تنشط العقل بمادة سهلة.
2- اعتمدي عند المذاكرة على طرح أسئلة في كل صفحة، وكتابة تلك الأسئلة في ورقة كراسة منفصلة، ثم إذا انتهيت من المذاكرة أعيدي حل الأسئلة وساعتها ستعرفين نقاط القوة والضعف في المادة.
3- اجتهدي أن تكون مذاكرة المادة الصعبة بعد الاستيقاظ من النوم، فإن أفضل درجات نشاط العقل عند الاستيقاظ.
افعلي ذلك وستجدين تحسنا بأمر الله تعالى، وفقك الله -أختنا- وكتب لك النجاح والتقدم، وصرف عنك شر المعصية وشؤمها، والله الموفق.