السؤال
السلام عليكم.
كنت أدرس في الكلية عندما تمت خطبتي، ونحن عائلة منعزلة، وخطبني رجل من الأهل، وإخواني لم يكلفوا أنفسهم بالسؤال عنه، فقط أبي اكتفى بأنه يراه في المسجد، وافقت وتم عقد القران، وكنت أرى شخصية زوجي الضعيفة في كل شيء، وحتى في نقاشاتنا كنت أشعر بكمية جهله، ولكن حقيقة ظروف منزلنا سيئة، وأردت حياة جديدة.
من أول يوم زواج اكتشفت أني انتقلت من غم إلى غم، هل تتخيل عروسا في ليلة زفافها تنظف غرفتها ودورة المياه؟! نعم كان المكان قذرا، وتفاجأت أن المنزل كله قذر ومهمل، وحتى الأفراد فيه، والأم كسولة، فقط تعد الطعام إن وجد.
بالمعتاد المنزل لا طعام فيه، لأن الأب في غياب مستمر، ومشاكل، وبالأصل حال منزلهم غريب، فيه السهر إلى الفجر والنوم إلى المغرب، والمنزل من كثرة القذارة كله قمل وحشرات، والمصيبة الأعظم اكتشفت أن زوجي ليس مثل ما قيل لنا بأن وظيفته ممتازة، وهو عقيم، وتحملت إلى الآن 7 سنوات، ولم يرزقني الله عملا، لأن أهل زوجي يحسدونني على دراستي، وكل مقابلة أجريها تقلب أمه وأخواته البيت إلى عزاء.
وصل الحال بنا لحد الطلاق، ولكن عدت بسبب أن بيت أهلي لا يطاق، بسبب أمي ومشاكلها المستمرة مع أبي، وكرهها للبنات وحبها للأبناء، والآن بعت كل ما أملك، وتسلفت لعلاج الأنابيب، وربي رزقني ابنة، واستأجرت من قريب لي منزلا، ولكن مهما حاول زوجي أن يغير حياته فلا يقدر، بسبب الفقر والعوز، وراتبه القليل.
صرت أتذكر دائما كيف كانت حياتي معه سيئة منذ البداية، ولا أقدر على النسيان، ودائما أشعر بالضيق والكره له، لأنه من البداية كان مقصرا معنا، ولم يحاول التغيير عندما كان يستطيع.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونقدر هذه الصعوبات التي واجهتك، ونسأل الله أن يعينك على الخروج منها، وهنيئا لك بهذه الابنة التي نسأل الله أن ينبتها نباتا حسنا، ونسأل الله أن يعينكم على تجاوز هذه الصعاب، ولعل في هذا الصبر دروسا عظيمة جدا، ونعتقد أنك تجاوزت المراحل الصعبة، فلا تحاولي الرجوع إلى الوراء، واعلمي أن هذا هو هم الشيطان، وهم الشيطان أن يحزن أهل الإيمان.
إذا ذكرك الشيطان بأيام التقصير فتذكري أن الأمر بيد الله تبارك وتعالى، وأن الإنسان لا ينبغي أن يقف أمام الماضي الأليم، يعيد الذكريات ويتكلم عنها، ولا يصح أن يقول الإنسان (لو كان كذا لكان كذا) ولكن نحن نقول: (قدر الله وما شاء فعل) أو (قدر الله وما شاء فعل)، لأن (لو) تفتح عمل الشيطان، واعلمي أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطئك لم يكن ليصيبك، فاستقبلي حياتك بأمل جديد، وبثقة في ربنا المجيد.
اعلمي أن البكاء على اللبن المسكوب لا يفيد، هذه السنوات التي مضت، قد صبرت ونجحت في تجاوزها، رغم الآلام التي حصلت، إلا إن الذي ينظر في هذا الكلام المكتوب، يلاحظ أنك -ولله الحمد- خرجت إلى وضع أفضل، غير أنك تعودين إلى الوراء، فإذا ذكرك الشيطان ما حصل من التقصير فاستغفري الله، واشتغلي بذكر الله تبارك وتعالى، وحاولي أن تساعدي نفسك وزوجك على النظر للحياة وللمستقبل بنظرة جديدة.
نسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، ودائما الإنسان يستبشر بأن القادم أفضل، وأن الأمل في الله لا ينقطع، فتوكلي على الله واستعيني به، وابذلي الأسباب، وأكرر دعوتنا لك بعدم الرجوع إلى الوراء، وعدم الاستجابة للمشاعر السلبية، ولكن دائما انظري للأشياء بإيجابية، وانظري للأمام، مستعينة بالله متوكلة عليه.
ونسأل الله أن يعين زوجك على تفهم احتياجاتك، وأن يعينه على تطوير نفسه، وأعتقد أن المرأة أيضا لها تأثير على زوجها وعلى حياتها الزوجية، فكوني عونا له على بلوغ العافية وتطوير قدراته.
ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.