كلما أتوب أعود للمعصية.. فما السبيل لتركها؟

0 35

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
والله إني لأحمد الله أن جعل في بلاد المسلمين أناسا يهتمون بمشاكلهم، وأسأله أن يجزيكم عنا خير الجزاء.
أنا أرغب في أن يجيب د. أحمد الفرجابي على رسالتي.

أنا طالب دراسات عليا، وأدرس في بلد تكثر فيها الفتن والمصائب، وظروفي لا تسمح لي بالزواج، وللأسف كثيرا ما أقع في المعاصي من النظر الذي يقود إلى أشياء أنتم تعلمونها، فما الحل؟

سمعت بعض الفتاوى تجيز الزواج من أجنبية، حتى وإن كنت تعلم أن الزواج سينتهي بعدما تود أن تعود إلى بلدك في حال خوفك من الوقوع في المعصية الكبيرة، فهل يجوز هذا؟

ما السبيل لترك معصية معينة؟ فكلما أتوب وأرجع إلى الله العظيم المنتقم الرؤوف أعود إليها مرة أخرى، ودون حياء منه جل شأنه، وإن هذا الوضع يؤلمني جدا، ووالله إني لأ تمزق من الحزن، وأنا أعلم أن الله يمهل ولا يهمل، فجودوا علي بالمشورة يا أساتذتي الفضلاء!

أرجو أن لا تهملوا رسالتي، وجزيتم كل خير يا إخوة الإيمان!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يغفر ذنبك، وأن يلهمك رشدك، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا.

هنئيا لك هذا القلب الذي يتألم من العصيان، ويكرر التوبة والرجوع إلى الرحيم الرحمن، فلا توقف مسيرة التوبة؛ فإنها واجبة في كل زمان ومكان، ومرحبا بك بين الآباء والإخوان، وشكرا لك على ثنائك على موقعك، ونحن في خدمتكم يا معشر الفتيان! ونسأل الله أن يحفظ شبابنا، وأن يجنبهم الفواحش والعصيان.

لا يخفى على أمثالك أن الإسلام دعوة للعفاف، ورسالة للصدق والإيمان، ولا مجال للخديعة إلا في ساحة الحروب إذا احتاج إلى ذلك أحباب الرحمن. أرجو أن تكونوا بصدقكم عونا لأهل الإيمان.

واعلم أن الزواج الإسلامي يقوم على التأييد، ويبنى على المقاصد النبيلة، ونحن لا نحبذ اختيار الزوجة من بئية العصيان؛ حتى لا تضيع العفيفات في بلاد الإسلام، وقد جلب هذا النوع من الزواج الشرور والخذلان، والعاقل من وعظ بغيره.

إذا أردت أن تعصي الله فابحث عن مكان لا يراك فيه، ومن أين لك؟ والله لاتخفى عليه خافية! وإذا أردت أن تعصي الله فلا تأكل من رزقه، ومن أين لك؟ والأرزاق بيد الله! وإذا أردت أن تعصي الله فلا تسكن في أرضه، ومن أين لك؟ والملائكة (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) [التحريم:6].

كيف تعصي الله وهو يراك، وأنت تعيش في أرضه، وتأكل من رزقه؟ فاستحيي من الله حق الحياء، واحفظ الرأس وما حوى، والبطن وما وعى، واذكر الموت والبلى.

تب إلى الله بصدق وإخلاص، واعلم أن توبة الكذابين تكون باللسان مع إصرار القلب على العصيان، وحبه لأهل السوء والخذلان.

للتوبة الصادقة علامات، فاجتهد في مراقبة الله، واحذر ذنوب الخلوات، ولا تنظر إلى صغر الخطئية، ولكن تذكر أنك تعصي رب الأرض والسماوات، واهجر بيئة المعاصي، وفر من أصحاب المنكرات، واعزم على عدم العود، وابك على ما مضى من الخطيئات، وأكثر من الحسنات الماحيات، فإن الحسنات يذهبن السئيات، وأبشر فإن الله يغفر الزلات، ويبدل سيئات المخلصين الصادقين في توبتهم إلى حسنات. فسبحان من يفرح بعبده، ويكشف الكربات! ونحن ننصحك بتكرار التوبة وإن تعددت السيئات؛ حتى يصاب الشيطان بالحسرات.

نحن نشكرك على تواصلك، ونؤكد لك أننا لا يمكن أن نهمل رسائل الأخوات والإخوان، ونسأل الله أن يجمعنا بكم في جنته والرضوان، ونوصيك وأنفسنا بالطاعة للرحمن، والتلاوة للقرآن، والبعد عن مواطن الشر والخذلان، وتعجيل العودة إلى بلاد الإيمان، ووصية الكريم الرحمن القائل: (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله) [النور:33].

كم نتمنى أن يهتم ولاة الأمر في ديار المسلمين بطلاب البعثات، وأن يزودوهم بجرعات من الإيمان قبل أن يرسلوهم إلى بلاد الكفر والعصيان، وأن ييسروا أمر الزواج للبنات والفتيان.

مواد ذات صلة

الاستشارات