السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مؤخرا وحتى الآن ما زلت أعاني من اكتئاب، وحزن شديد، وعدم الثقة بالنفس وعدم تقدير الذات، وأشعر أني ليس لدي طاقة حتى للقيام بالمهام الحياتية؛ كالأكل، والشرب، والصلاة، والعبادة، وما إلى ذلك، وبدأت أفكار الانتحار، وفعل شيء سيء في نفسي تراودني دائما.
أشعر أني عديم القيمة، وليس لدي أي فائدة، وشخصيتي ضعيفة، والناس دائما ما يتنمرون علي، ويمزحون معي مزحا ثقيلا، وأنا غير قادر على مجاراتهم في ذلك.
جربت العلاج النفسي والدواء أكثر من ٥ سنوات، ولكن كان ذلك من غير فائدة، وأصبح هناك تغير في شخصيتي ٣٦٠ درجة، وأصبح عندي رهاب اجتماعي.
فهل هناك علاج لهذه الأعراض في القرآن والسنة؟ وإذا كان لديكم استطاعة في إعانتي، أو تقديم المساعدة فأرجو ذلك.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
اسمح لي في البداية أن أعلق على قولك: (أشعر أني عديم القيمة)، هذا الشعور الزائف الذي زرعه الشيطان فيك هو أول الخلل وأوسطه وآخره، وهو بداية الانحدار الذي تعيش أنت فيه، ويوم أن تتغير ستكتشف ذاتك جيدا، وتدرك جليا قيمة نفسك.
وخذها منا نصيحة يا أخي: الناس تراك بمقدار نظرتك إلى نفسك، فمتى ما رأيت فيها هوانا رآك الناس ضعيفا، ومتى ما رأيت فيها اعتزازا رأى الناس فيك ذلك.
أنت ذو قيمة، ولكن مشكلتك الحقيقة أنك لم تجاهد نفسك على الإصلاح؛ ولذلك لم تكتشف جوانب الإيجابية في نفسك، وأنت متى ما أدركت ذلك تغيرت تماما تلك المنحدرات التي أرهقتك؛ لذا نرجو أن تنتبه تماما لما هو قادم متى ما أردت التغيير على الحقيقة.
أخي الكريم: اعلم أن الله خلقنا جميعا وفي كل واحد منا استعداد تام للتميز والإبداع؛ لكن ذلك يتوقف على أربعة أمور:
1- معرفة القدرات التي تميزك، وهي موجودة عندك؛ لكنها محجوبة لاقتناعك بغيابها.
2- تحديد الهدف بدقة: وهذا معناه ما الذي أريد أن أصل إليه؟ وعندها لا بد من وضع الآليات العلمية والعملية للوصول إلى هدفك، ووضع جدول زمني لها.
3- الصبر على الصعود، فالصعود دائما يحتاج إلى جهد وتحمل، وإلى صبر، ولا يغني أحدهما عن الآخر.
4- التوفيق من الله؛ لذلك كلما كانت حبالك بالله موصولة كلما كنت إلى تحقيق الهدف أقرب.
وهذا ما تحتاج إليه وستجد تغيرا جذريا في حياتك.
أخي الكريم: اعلم أن مهمة الشيطان في الأرض أن يضل ابن آدم، وله في ذلك وسائل متعددة منها: التحزين وهو أوسع الوسائل وأشدها على الإنسان؛ فالتحزين إذا كان أحد أهداف الشيطان فإنه يأتي إليه من باب الاكتئاب، والخوف، وفقدان الثقة، وضعف الشخصية، وكل ما من شأنه أن يحزن المسلم.
ويعتمد الشيطان في الوصول إلى هذا الهدف عبر تلك الوسائل على أمرين:
1- تهويل السلبيات، وتهوين الإيجابيات.
2- استدراج اليأس والقنوط حتى يكون واقعا معاشا.
إذا ما فهمت -أخي الكريم- هدف الشيطان، ووسائله، ومرتكزاته هان عليك كثيرا معالجة ما أنت فيه.
أخي الحبيب: نوصيك بعدة وصايا لتصل إلى هدفك، وهي:
1- الاقتناع التام بأن التغيير للأفضل ممكن، وأن دائرة المستحيل وهم وضعه الشيطان في رأسك، وليس له على الأرض حقيقة.
2- الخروج من الدائرة الصغيرة التي وضعت نفسك فيها إلى دائرة أوسع، وكسر حاجز الخوف هذا.
3- البحث عن صحبة مأمونة بشرط أن تكون صالحة ومتدينة، وإيجابية، والابتعاد عن صحبة السوء؛ لأنها مهلكة، ومحبطة.
4- التعرف على قدراتك وما تتميز به، والاجتهاد في صقل هذه المواهب، مع نصيحتنا لك بممارسة أي نوع من أنواع الرياضة فإنها مكسبة للثقة.
5- المحافظة على الفرائض والنوافل في المسجد، والمحافظة على الأذكار والأوراد القرآنية، فهذا حصن حصين لك أخي.
6- التوقف عن التفكير السلبي، أو اليأس، أو الإحباط، فأنت قادر بإذن الله أن تكون الأفضل.
7- عدم التوقف عن أخذ الدواء إذا كان من طبيب مختص، ويمكنك أن تتابع مع طبيب آخر إذا لم تنتفع بالعلاج، المهم أن يكون أهل الاختصاص الطبي هم من يرشدونك.
هذا نصائحنا -أخي الكريم-، ونرجو أن تأخذ بها جميعا، مع كثرة الدعاء لله عز وجل بأن يوفقك للخير، وإنا نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.