السؤال
السلام عليكم.
أنا شخص عطايا الله لي لا تحصى -ولله الحمد والشكر- أنا شخص تائه في حياتي الشخصية، ومذنب، لكني أستغفر وأصلي ركعتين لله، وأرجع أذنب وأتوب!
أرشدوني لألتزم الصلاة والهداية، وأكون من المصلين بإرشادكم لي، أخبروني ماذا أفعل؟!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب.
أولا: قد وفقت حين أدركت أن نعم الله تعالى كثيرة، لا يستطيع الإنسان عدها وإحصاءها، فكيف يستطيع شكرها وأداء حقوقها! وهذا الشعور بالعجز والتقصير عن أداء حق الله تعالى، هو أول البواعث التي ينبغي أن تبعث الإنسان نحو القيام بفرائض الله تعالى، فأقل شيء نفعله أن نقوم بما فرض الله تعالى علينا، حياء من الله تعالى، المنعم المتفضل؛ ولذلك قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "الحياء خير كله".
فإذا شعر الإنسان وتذكر فضل الله تعالى وإحسانه إليه، وكان من أهل الحياء؛ فإن ذلك يبعثه نحو القيام بالحق والواجب، وإن وقع في شيء من التقصير؛ فإن هذا التقصير يجبره الاستغفار والتوبة بعده، وتدارك ما فات، ومن رحمة الله تعالى بنا أنه جعل التكاليف الشرعية التي كلفنا بها قليلة ويسيرة، وداخلة في قدرتنا، ولا تشغلنا عن حاجاتنا الدنيوية.
فنصيحتنا أن تبدأ بمحاسبة نفسك على أداء الفرائض، سواء كانت الفرائض البدنية كالصلاة، أو الفرائض المالية كالصدقة والزكاة، أو الفرائض المركبة من الأمرين معا، كالحج والعمرة، وسواء في ذلك فرائض الفعل التي فرضها الله علينا، أو فرائض الترك التي أمرنا باجتنابها، وذلك يشمل كل المحرمات.
فحاسب نفسك أولا على أداء هذا النوع من الأعمال والتكاليف الشرعية؛ فإن الله تعالى يقول في الحديث القدسي: "وما تقرب إلي عبدي بأحب مما افترضته عليه".
وهذه التكاليف قليلة ويسيرة، وأهم التكاليف البدنية الصلاة؛ فالصلاة هي الصلة بين الإنسان وبين ربه، وفوائدها في دنيا الإنسان وفي آخرته كثيرة لا تحصى، وهي أول ما يحاسب عليه الإنسان يوم القيامة من عمله، وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر".
فهذه الصلوات قليلة جدا، خمس صلوات في اليوم والليلة، موزعة على أوقات متباعدة، والمحافظة عليها سهلة يسيرة، ولكن أنت بحاجة إلى أن تأخذ بالأسباب التي تعينك على هذه الطاعات، وأول هذه الأسباب الصحبة الصالحة، فحاول أن تتعرف إلى الرجال الطيبين، والشباب الصالحين، وتكثر الجلوس معهم والتواصل بهم، فهم خير من يعينك على فعل الطاعات.
واصبر على فعل الطاعات؛ فإنك في أول الأمر ستستثقلها وتجدها صعبة ثقيلة، ولكن باستمرار هذه المجاهدة تحلو لك الأيام وتصفو لك، وتجد لذتك بعد ذلك في طاعة الله تعالى، وقد قال الله في كتابه: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}.
والواجب على الإنسان إذا أذنب بفعل ما حرم الله، أو قصر فترك ما أوجب الله؛ الواجب عليه أن يبادر ويسارع إلى التوبة، والتوبة تعني: الندم على فعل المعصية، والعزم على عدم الرجوع إليها في المستقبل، مع الإقلاع عنها في الحال، فإذا تاب الإنسان فإن الله تعالى يتوب عليه ويغفر له ذنبه، وقد قال الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له"، وهذا فضل واسع من الله تعالى.
فبادر إلى التوبة كلما زلت قدمك ووقعت في مخالفة، وأكثر الاستغفار، والجأ إلى الله تعالى بصدق واضطرار أن يهديك ويعينك، وهذه الدعوات نحن مأمورون بها كل يوم في صلاتنا، فنقول: {إياك نعبد وإياك نستعين * اهدنا الصراط المستقيم}.
استعن بالله ولا تعجز كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- وستجد من الله تعالى العون والتوفيق والهداية.
نسأل الله تعالى أن يتولى عونك وهدايتك.