تقدم لي خاطب مناسب لكنه ليس متدينًا.. فهل أقبل به؟

0 6

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة مقبلة على الزواج، وملتزمة بفضل الله. تقدم لخطبتي شاب صالح ذو علم ودين، حافظ لكتاب الله وملتح، وهي الصفات التي كنت أتمناها، إلا طوله.

جلسنا معا مرة واحدة منذ حوالي ثلاثة أشهر، وكان قلبي يملؤه السعادة، فقد سأل عن ديني وحياتي مع القرآن، والنقاب والتلفاز، ووافقت عليه لتدينه، رغم أن النقاب قد يؤثر على مستقبلي المهني، وحالته المادية ليست جيدة، ولن تلبي طموحاتي من حيث الخروج والترفيه.

لكن بعد ذلك بدأت المشاكل؛ فكلما أراد أن يأتي بوالدته (لأنه يتيم) حدثت عقبة ومشكلة، ففي إحدى المرات طلب أن يأتي الساعة السادسة والنصف مساء، وقد استأذن والدي في نفس اليوم، فقال له والدي: "الأصول تقتضي الاستئذان قبلها بيوم على الأقل"، فغضب.

وفي مرة أخرى استأذن أن يأتي بعد صلاة العشاء، وكان ذلك أيضا في نفس اليوم، وفي آخر محاولة أرسل لوالدي رسالة عبر الواتساب يحدد فيها اليوم، فلم يرد والدي عليه في حينه؛ لأنه كان منزعجا منه، ثم اتصل به بعد يوم ليأتي هو ووالدته، فلم يرد، وأبلغني الوسطاء أنهم ربما صرفوا النظر عن خطبتي، وبعد أسبوعين تقريبا، أرسل لوالدي رسالة يعلمه فيها أنه ترك عمله، وأعرب عن أسفه لي ولأمي، لكنه لم يعتذر لوالدي.

الآن، تقدم لخطبتي شاب آخر ليس ملتزما ظاهريا (غير ملتح)، ولا أعلم إن كان يرتاد المساجد أم لا، وسؤالي لكم يا شيخ: كيف أتصرف وأنا أشعر بعدم قبول للخاطب الجديد؟

جلست مع الخاطب الجديد، وفيه كل الصفات التي تتمناها أي فتاة، وهو يكبرني بعام واحد فقط، لكنه لم يسألني أي سؤال عن ديني، كما فعل الخاطب الأول.

أخشى أن أقبل بالخاطب الثاني، ثم أكتشف أنه مختلف عني، وأخاف أن يراني متشددة، وأخشى أن يفتنني في ديني.

أخيرا: لاحظت في الرؤية الشرعية أنه لا يقاطع المنتجات التي ينتجها الأعداء، فأنصحوني يا مشايخنا الكرام، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سعاد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

نتفهم تماما حديثك وقلقك، وهو أمر مشروع وطبيعي لفتاة تريد زوجا صالحا، ولا تريد فتنة في دينها أو دنياها؛ لأجل ذلك نقول لك: اطمئني وثقي أن الله سيكرمك ما كانت هذه نيتك، وانتبهي لما نقوله لك:

أولا: الزواج رزق مقسوم وقدر مكتوب، وزوجك الذي قدره الله لك معلوم من قبل أن يخلق الله السموات والأرض، فعن عبد الله بن عمرو أن النبي ﷺ قال: (فرغ الله تعالى من مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء)، الإيمان بهذه النقطة وحدها يريح قلبك ويطمئن فؤادك.

ثانيا: تقديراتنا للأمور تكون وفق معطيات بعضها حقيقي، وبعضها كذب، وبعضها تصنع وبعضها وهم؛ ولذلك العبد قد يتمنى الشر يحسبه خيرا، ويرفض الخير يحسبه شرا، وهذا بعض قول الله تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}، فالله يعلم أين الخير لك، فأوكلي لله أمرك، وثقي أن الله سيقضي الخير لك ما تمسكت بتدينك.

ثالثا: لم يخطئ والدك في التعامل مع الشاب الأول، وانصرافه أو حديثه إلى والدك دال على أن الخير في ما قدره الله، فليس كل متدين حسن المعشر، ولا حسن الخلق؛ ولذلك الجمع بين التدين والأخلاق هو المطلوب عند الموافقة على الزواج.

رابعا: الراحة النفسية لشخص ما لا تدل على صلاحه، كما لا تدل على فساده؛ لأننا قدمنا لك مقدمة مفادها أن مشاعرنا أسيرة لمعطيات سابقة، قد تكون صحيحة أو غير صحيحة.

خامسا: الشاب الذي تقدم لك لا تعرفين إن كان من أهل المساجد أم لا؟! لذا لا ننصحك بالموافقة حتى تتأكدوا من تدينه وأخلاقه، وهذا يقوم به والدك أو أحد إخوانك، ثم بعد ذلك تأتي الاستخارة، وهي إلى الخير لا محالة، وصفتها كما قال جابر رضي الله عنه: كان رسول الله يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن وكان يقول ﷺ: (إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر [هنا تسمي حاجتك] خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري -أو قال : عاجل أمري وآجله- فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، اللهم وإن كنت تعلم أن هذا الأمر [هنا تسمي حاجتك] شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري -أو قال : عاجل أمري وآجله- فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم ارضني به، ويسمي حاجته).

إن تيسرت الأمور للزواج بعد الاستشارة والاستخارة فاعلمي أن الخير فيه، وإن صرفك الله عنه فاعلمي أن الخير في ذلك، فلا يشترط للاستخارة راحة نفسية أو غير ذلك.

وأخيرا: أكثري من الدعاء أن يرزقك الله الزوج الصالح المتدين الخلوق الذي يعينك على أمر دينك ودنياك.

نسأل الله أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وأن يكتب لك الخير والزوج الصالح، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات