السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتابعكم منذ خمس سنوات أو أكثر، وسعيد جدا بالموقع، وبشيوخي الأفاضل والأطباء، وكل من ساهم ويساهم في الموقع، أسأل الله أن يرزقه ويغفر له.
أعاني من القولون منذ بداية فايروس كورونا، وكانت تأتيني أعراض حموضة بالمعدة، وانتفاخ شديد في البطن، وضيق تنفس.
ذهبت إلي الأطباء من جميع التخصصات، وأجريت التحاليل اللازمة، ولكن حموضة المعدة والقولون لم تذهب بأي من الأدوية، لدرجة أني أجريت عملية اللوز بسبب الالتهاب الذي كان يأتي كل أسبوع؛ بسبب حمض المعدة، ثم تطور الأمر وأصبحت أعاني من قلق مرضي، مع وساوس الموت، ونوبات الهلع.
بفضل الله ثم بفضلكم تجاوزت نوبات الهلع بنسبة 70%، ولكن ما يعكر صفو حياتي هي الضربات الهاجرة، والتي تختفي عندما لا أشغل بالي وأنشغل بأمور الحياة، ولكنها ترجع بكثرة عندما أعود إلى بيت العائلة، ويرجع معها تعب القولون والانتفاخ والضيق والتوتر.
أجريت فحص إيكو ورسم القلب عند طبيبين مختلفين للقلب، وأجمعا أنها حالة نفسية، وأنه يجب علي التقليل من التدخين والقهوة، والبعد عن القلق، ووصفا لي دواء إندرال 10 ملغ، وأنا خائف من تناوله!
تعبت كثيرا، ولا أستطيع إكمال دراستي الجامعية، وأرسب كثيرا، لا أعلم ماذا أفعل؟
أرجو النصيحة، وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ismail حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء.
أولا: علة ما يعرف بالقولون العصبي، والذي يجب أن يسمى القولون العصابي؛ لأن القلق النفسي يلعب دورا فيه ولا شك في ذلك، لأن النفس حين تقلق يعني أنه يوجد توتر نفسي، وهذا التوتر كثيرا ما يتحول إلى توتر عضلي، وأكثر العضلات التي تتأثر عند الإنسان هي عضلات القولون، يزداد تقلصها مع القلق، وكذلك عضلات فروة الرأس، لذا تجد بعض الناس يشتكون مما نسميه بالصداع العصبي، وكذلك عضلات القفص الصدري؛ لذا الكثير من الناس يشتكي من الضيقة والكتمة، وعضلات أسفل الظهر، وسبحان الله وجد أن 60% من الذين يترددون على أطباء العظام، ويشتكون من آلام في أسفل الظهر ليس لديهم أي علة عضوية، بل هو مجرد تقلص وانقباضات في عضلات أسفل الظهر، وغالبا تكون ناتجة من القلق والتوتر.
وطبعا حموضة المعدة والانتفاخ كلها ناتجة من تقلصات القولون، وضيق التنفس قطعا سببه الكتمة التي تحدث لانقباضات عضلات القفص الصدري.
إذا حالتك هي حالة (نفس جسدية) هكذا نسميها، أي الأعراض عضوية في ظاهرها، لكن منشأها منشأ نفسي، وهذه تعالج حقيقة من خلال منهج الحياة الصحيح، ومنهج الحياة الصحيح في حالتك يتطلب تنظيم الوقت، تنظيم الوقت بصورة سليمة، وأهم مقومات تنظيم الوقت هي تجنب السهر، وهذا أمر جوهري وضروري، من يتجنب السهر وينام ليلا نوما مبكرا؛ هذا يعني أنه قد فتح آفاقا جديدة على نفسه وعلى حياته، وسوف يحس بالمتغير الإيجابي.
فإذا النقطة الارتكازية هي أن تتجنب السهر، أن تستفيد من الصباح؛ لأن البكور فيه بركة كثيرة، وأن تنظم وقتك، بحيث تقوم بكل واجباتك الحياتية، وأن ترفه عن نفسك بما هو طيب وجميل، أن تؤدي العبادات -خاصة- على وقتها، أن تحرص على الواجبات الاجتماعية، أن تكون شخصا فعالا في أسرتك، ويجب أن تحدد أهدافك بصورة واضحة وجلية، وتضع الآليات التي توصلك إلى أهدافك.
هكذا -أيها الفاضل الكريم- تستطيع أن تحول القلق الذي يسبب لك المتاعب النفسية والجسدية، من قلق سلبي إلى قلق إيجابي، والقلق هو طاقة مطلوبة، فالذي لا يقلق لا ينجح، والذي لا يوسوس لا ينضبط، والذي لا يخاف لا يحمي نفسه.
كل هذه المكونات والطاقات النفسية الثلاث: القلق، والوسوسة، والخوف، يجب أن تكون بكيفية وحجم معقول، ويجب أن نوجهها التوجه الإيجابي.
أخي الكريم: موضوع الضربات الهاجرة هذا شائع جدا، ويجب أن تبني قناعة جديدة أنه ليس لها علاقة بأمراض القلب، هي استشعارات تحدث للقلب، وحتى هناك الآن من يستعمل كلمة (القلب العصبي) أو (القلب العصابي)، مثل الذين مثلا تجدهم يترددون على الحمام بكثرة نسبة لإصابتهم بالمثانة العصبية أو العصابية. فالأمر ليس له أي علاقة بأمراض القلب، ووجد أن ممارسة الرياضة وكذلك التمارين الاسترخائية، وكما تفضلت الابتعاد عن التدخين، وعن تناول الكافيين بكميات كبيرة، وحتى تجنب السهر؛ هي من الآليات التي تقلل من هذه الضربات الهاجرة.
وتناول الإندرال أمر جيد، الإندرال دواء فاعل جدا، وبجرعات صغيرة حقيقة هو مفيد، وليس له أي آثار جانبية سلبية، تناوله بجرعة 10 مليجرامات صباحا ومساء، وبعد فترة يمكن أن تتناول 10 مليجرامات صباحا فقط، الإندرال حقيقة له عدة فعاليات: تسارع ضربات القلب، وعلاج الضربات الهاجرة، وفي بعض الأحيان أو في الأزمنة السابقة كان يستعمل لعلاج ضغط الدم، لكن الإندرال لا يخفف ضغط الدم، أو لا يقلله إلا إذا كانت الجرعة 80 مليجرام في اليوم، أنت طبعا لا تحتاج لهذه الجرعة، أنت تحتاج لجرعة صغيرة، وهذه لا تؤثر على ضغط الدم لديك أبدا.
أرجو إذا أن تنتهج هذا المنهج الحياتي، -وإن شاء الله تعالى- سوف تجد أن الأمور قد تيسرت لديك، وتستطيع أن تمارس حياتك بصورة طبيعية، -وإن شاء الله- تكون من الناجحين والمتفوقين، وطبعا إذا وصف لك الطبيب أحد مضادات قلق المخاوف؛ هذا أيضا سوف يكون مفيدا جدا بالنسبة لك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.