السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تزوجت فتاة منتقبة منذ عامين، وبعد الزواج بشهرين تم إنهاء خدماتي، وسافرت بعدها إلى دولة خليجية، وتم إنهاء خدماتي بعدها بخمسة أشهر، ورجعت بلدي الأصلي، وعملت لمدة شهرين وتم إنهاء خدماتي.
كل هذا حصل وزوجتي الأولى وأم الأولاد في بلدي الأصلي، أما الزوجة الثانية والجديدة هي التي كانت معي في كل رحلاتي وسفراتي.
السؤال: أشعر بعدم التوفيق منذ أن تزوجت الثانية، إضافة إلى أني اكتشفت فيها كل الصفات السيئة، من عصبية وندية، طلقتها مرتين وأرجعتها؛ لأنها متعلقة بي، وفي كل مرة تهدد بالانتحار، وهذا ما جعلني أقرر أن طلقها طلاقا نهائيا، إلا إنني متردد خوفا من أن أظلمها، لكني مقتنع بعدم جدوى الاستمرار معها، فما توجيهكم؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله تعالى أن ييسر لك أمورك، وأن يكفيك بحلاله عن حرامه، ويقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.
وثانيا: نشكرك -أيها الأخ الحبيب- على حسن خلقك وخوفك من الوقوع في ظلم العباد، وهذا من حسن إسلامك وكريم أخلاقك، ونحن على ثقة تامة من أن هذه الصفات لن تجر لك إلا الخير، وستكون سببا لتيسير الله تعالى لك، فإن الله تعالى يعامل الإنسان بمثل ما يعامل به الإنسان غيره، فمن يسر يسر الله له، ومن سامح سامحه الله، ومن ستر مسلما ستره الله، وهكذا.
فحرصك على تحقيق المصالح للناس ومنهم زوجتك الثانية، وحرصك على الابتعاد عن ظلمها، هذا خلق حسن، وينبغي أن تثبت عليه ما استطعت إلى ذلك سبيلا، بغض النظر عن كون الطلاق ظلما أو ليس بظلم، ولكن ما دمت قد عقدت على هذه المرأة وتزوجتها وأنشأت أسرة ثانية بجانب أسرتك الأولى؛ فلا ينبغي أن تطلقها لأسباب غير مقنعة، فإن الطلاق يأتي بالضرر على الزوج وعلى الزوجة.
وما تجده في زوجتك من بعض الصفات السيئة يمكن معالجته بالنصح والوعظ مرة، وبالتهديد مرة، لا سيما وأنت تذكر بأنها شديدة التعلق بك، وتهدد بالانتحار فيما لو فارقتها، فهذا يدل على شدة تعلقها وحبها لك، فلا ننصح بمفارقتها، مع إمكان إصلاحها واستقرار الحال، فإن الطلاق مكروه في هذه الحالة عند كثير من العلماء.
والأمور بالنسبة للزوجية وأمور الأسرة والعلاقة بين الرجل وزوجته لا تحكم بالعقل وحده، فلا بد من عمل العقل مع استحضار توجيهات الشرع، وإن كانت على سبيل الاستحباب، مع استحضار العاطفة، فإن الإنسان بكرمه وجميل صفاته يتحمل بعض الأضرار من أجل من يحبونه، وإن كان العقل يقضي بأنه لا حاجة لذلك كله.
وأما ما ذكرته من شأن التشاؤم بهذه المرأة، وأنها سبب لعدم التوفيق، أو أن أحوالك معها هي سبب لعدم التوفيق؛ فالتشاؤم أمر سلبي، ولهذا الشارع يكرهه وينهى عنه، فحرم النبي -صلى الله عليه وسلم- التطير والطيرة، وهو توقع المكروه، والتشاؤم بأشخاص أو بأحداث أو بأزمان، وتوقع مكروه بسببها، وإن كان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد قال: "إن كان الشؤم في شيء ففي ثلاثة"، وعد منهم المرأة، ولكن هذا الحديث محمول على أن شؤم المرأة يرجع إلى الأحوال التي تكون من قبلها، كأن لا تلد، أو نحو ذلك.
فهذا التشاؤم يورثك الحزن والكآبة والهم، لهذا الشارع ينهى عن التطير والتشاؤم، فينبغي أن تحسن الظن بالله سبحانه وتعالى، وتأخذ بالأسباب النافعة لرزقك، وتحسن الاعتماد على الله، والتفويض إليه، فإن ذلك ينفعك -بإذن الله تعالى-.
لا ننصحك بتطليق هذه المرأة، وإن طلقتها فليس ذلك ظلما، فالظلم إنما هو بارتكاب المحرم، والطلاق لم يحرمه الله تعالى عند وجود دواعيه وأسبابه، وكذلك لم يحرمه عند عدم وجود الداعي عند أكثر العلماء، ولكنه مكروه، فلا ينبغي أن يفعل لما يترتب عليه من المفاسد على الزوجين.
نسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير، ويقدره لك حيث كان.