الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أصلح ما أفسدته مع زوجتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اكتشفت زوجتي وجود علاقة بيني وبين امرأة أخرى، وشاهدت محادثات مكتوبة لا تليق بيني وبين السيدة الأخرى، وزوجتي مصرة حاليًا على الانفصال، والله يعلم أني لست خائنًا، فقد كان مجرد نزوة، وهو شيء لم أعهده من نفسي طول حياتي.

وهبني الله من زوجتي ابناً وبنتاً، وهي مصرة على الانفصال، وسؤالي: ما نصيحتكم لي؟ وكيف أستطيع صرف نظر زوجتي عن الانفصال؟ والسؤال الأهم كيف أتوب إلى الله من ظلمي لها في حال تم الانفصال، رغم أنها دائمًا تقول: بيني وبينك الله، وأخشى من عذاب الله لي يوم القيامة، بسبب ظلمي لها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل والسؤال، وننصحك بسرعة التوبة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى، فإن (التوبة تجُبُّ ما قبلها) و(التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، وإذا علم الله منك الصدق نصرك وأيّدك، ونسأل الله -تبارك وتعالى- مُصرّف القلوب أن يُصرّف قلب زوجتك، وأن يُصلح حالها، وأن يردّها إلى الحق والصواب، حتى لا تُصِرُّ على معالجة الخطأ بخطأ.

ما حصل بلا شك خطأ، وأرجو أن تكون شُجاعًا في اعترافك وتوبتك، ورجوعك إلى الله تبارك وتعالى، وأرجو أن تعلم أنه ليس من الصواب أن تُعالج الأمور بهذه الطريقة المذكورة، ونتمنّى أن تُشجّع تواصلها مع الموقع، حتى نُعطيها خُطة تُعينك على الصبر والثبات والعودة إلى الله تبارك وتعالى، وتُعينها على تحمُّل هذا الموقف، الذي -بلا شك- لا يخلو من الصعوبة.

إذا أصلح الإنسان ما بينه وبين الله -تبارك وتعالى- أصلح الله ما بينه وبين الناس، وبينه وبين أهله، وما من إنسان يقع في إشكال، إلَّا لأنه مُقصِّرٌ في جنب الله، (وَما ‌أَصابَكُمْ ‌مِنْ ‌مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) الشورى:30، وعليه أرجو:
أولًا: التوبة النصوح، والرجوع إلى الله تبارك وتعالى.
ثانيًا: الاعتذار من زوجتك، وتذكيرها بما بينكم من أطفال، وما بينكم من وُدٍّ، وما بينكم من وفاء، قال تعالى: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى ‌وَلا ‌تَنْسَوُا ‌الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ). سورة البقرة:237.

ثالثًا: طلب المساعدة منها بإعطائك فرصة.
رابعًا: تغيير كل ما يُمكن أن يزيد الشكِّ في نفسها، كالتخلص من الأرقام، وتغيير الرقم، والبُعد عن الأماكن المشبوهة، والحضور الفاعل داخل البيت، محاولة الإحسان لها ولأبنائها؛ لأن الثقة إذا هُدمت تحتاج إلى بناء وترميم، حتى تعود إلى وضعها الصحيح.

كن متمسِّكًا بزوجتك، ولا تُشجّع انفصالها، ولا تُقابل عنادها بالعناد، ولكن قابل عنادها بالملاطفة والإحسان، وطلب الفرصة منها، وتذكيرها بالأيام الجميلة التي حصلت بينكم، وإذا كان الرجل حريصًا على الاستمرار وتحمّل الموقف، وتحمّل الأشياء السالبة التي تظهر من الزوجة لشدة غيرتها، وشدة غيرتها دليل على شدة حُبّها لزوجها، فإنك ستُعان -بعون الله- على تجاوز هذه الصِّعاب.

لكي تنجو يوم القيامة وفي الدنيا والآخرة، أنت بحاجة إلى أن تتوب إلى الله توبة نصوحاً، و(التوبة تجُبُّ ما قبلها)، وإذا أخلص الإنسان في توبته، وصدق في أوبته ورجوعه إلى الله، وتوقف عن العمل القبيح، وندم على ما حصل، وعزم على عدم العود؛ فإنه لا يفوز بمجرد التوبة، ولكن يفوز بإبدال سيئاته إلى حسنات، قال العظيم: (إِلَاّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ ‌يُبَدِّلُ ‌اللَّهُ ‌سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً * وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً) سورة الفرقان:70-71.

نسأل الله أن يهدي هذه الزوجة للحق وللصواب، ونتمنّى أن تطلب منها أن تتواصل مع الموقع، لتعرض ما عندها، حتى نناقشها ونبيّن لها ما ينبغي أن تقوم به، وأكرّر دعوتي لك إلى التوبة النصوح، اجعل خوفك من الله -تبارك وتعالى- الذي عصيته بوقوعك في هذه المخالفة، وإذا كانت المخالفة صغيرة أو كبيرة؛ فإن الإنسان ما ينبغي أن ينظر إلى صغر الخطيئة، ولكن ينظر إلى حرمات الله التي تجرَّأ عليها، وإلى عظمة العظيم الذي يعصيه سبحانه وتعالى.

نسأل الله أن يتوب عليك وعلينا، وأن يردّ الزوجة إلى الهدوء والخير وإلى القرار الصائب الصحيح، الذي يحفظ لها أبناءها، ويحفظ سمعة الأسرة، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً