السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
أنا فتاة طبيبة، عمري 25 عاما، منذ سنوات كنت أدعو الله أن يرزقني بزوج صالح، أتباهى به في الدنيا والآخرة، فتقدم لخطبتي شخص مهندس، مثقف، على دين وأخلاق، وحالته المادية ممتازة، وهو وحيد أهله.
تمت النظرة الشرعية، وتم القبول من الطرفين، وكنت سعيدة به، حتى إني شعرت بأن الله قد استجاب دعائي.
بعدها سألنا عنه في مكان عمله، فقالوا لنا: إنه بلا شخصية، وإن أمه مسيطرة عليه، وإنه أجدب (أي في عقله خفة)، وعلى نياته، وأنه شخص طيب، ومسكين، وذو خلق ودين، لكنه لا يعلم شيئا من أمور الحياة؛ لأن أمه كانت تخاف عليه، فكانت تمنعه من الخروج، ومخالطة البشر، وكأن بينه وبين الحياة حاجزا، وأن الناس تستغله بسبب ضعف شخصيته.
شعرت بالإحباط، وأردت أن أرفض مرات عديدة، ولكن أبي وأمي لم يسمحا لي، وتمت الخطبة، وأنا غير مقتنعة، حتى إنه في يوم العقد عندما قطعنا الكعكة لوث يده مرتين بها، فشعرت بالإحراج أمام الناس، ثم طلبت بعدها الانفصال مرة ثانية، لكن أبي لم يرض.
الآن أنا وهو مخطوبان بعقد شرعي منذ شهر ونصف تقريبا، هو شخص طيب، وحنون، ولكنه ضعيف جدا، وقليل التركيز، ويضحك على أتفه الأمور، وتفكيره غير عقلاني، ويمشي بطريقة سريعة، وبدون أن يلتفت، وكأنه روبوت آلي مبرمج، يسرح كثيرا، حتى عندما يتحدث مع أحد فإن يديه ترتجفان دائما، وكأن أعصابه تالفة، وعندما طلبت منه الانفصال بدأ يبكي، ولم يوافق.
لا أعلم ماذا أفعل؟ ولا أعلم كيف أعالج شخصيته؟ وهل هذا هو ثمرة دعائي؟ فقد تعبت من التفكير، ولست سعيدة كباقي البنات، ماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -أختنا الفاضلة- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال، وبهذا الشرح الوافي.
أختي الفاضلة الدكتورة العزيزة: الحياة تحديات وابتلاءات، وعلينا أن نسدد ونقارب، بحيث نصل إلى ما نتطلع إليه -بإذن الله عز وجل-، وواضح من سؤالك أنك مثقفة، متدينة، وحريصة على دينك وعلى حياتك، وأمام السؤال الذي طرحته فهناك احتمالان، القرار النهائي ربما يعود لك، فأنت التي ستتزوجين، وليس أحد غيرك.
الاحتمال الأول -وله ما يؤيده- أن تقبلي بهذا الزوج طالما فيه الصفات الطيبة الإيجابية التي ذكرتها: من الخلق، والتدين، والحنان، والطيبة، ووضعه المعنوي، والمادي. كلها أمور يمكن أن تساعد أي فتاة على القبول به كزوج صالح، تتعاونان معا في تكوين أسرة صالحة، وأنت -بإذن الله عز وجل- بعلمك، وفطنتك، وحكمتك، يمكن أن تسددي وتقاربي معه، وتعيشي في أمن وسلام، مما يسمح لك بمتابعة حياتك المهنية الطبية، وتكوين الأسرة السعيدة.
أما الاحتمال الثاني -وأيضا له ما يبرره- أنك إذا وصلت إلى حالة من النفور من هذا الخطيب؛ بسبب ما وصفت من ضعف شخصيته، وربما بساطة تفكيره، فلك أيضا أن تنسحبي من هذا العقد الشرعي.
كلا الأمرين لهما ما يدعمهما، وبالنهاية عليك أن تتخذي القرار الصعب في أن تبقي أو تخرجي من هذه العلاقة، وإذا قررت الخروج فعليك أن تقنعي والديك بهذا الأمر، وإذا بقيت معه لعل الله -عز وجل- أن يفتح وييسر على يديك.
أختي الفاضلة: وأنا أعد لك الرد على سؤالك يخطر في ذهني بعض الأسر مما وصفت، حيث إن الفتاة (الزوجة) مثقفة متعلمة، بينما الزوج عنده شيء من ضعف الشخصية والخجل (ربما) إلا أن حياتهم ناجحة، وموفقة، سواء الحياة الأسرية، أو المهنية، أو حتى في تربية الأبناء.
فإذا -أختي الفاضلة- القرار لك، استخيري، واستشيري من حولك، واسألي، لعل الله -عز وجل- أن يرشدك للصواب، وأدعو الله تعالى أن يشرح صدرك، وييسر أمرك، ويلهمك صواب الرأي، والقول، والعمل، داعيا الله تعالى لك بكل التوفيق والسعادة في الدارين.